وقيل معنى الآية (?): ولا تسبوا أيها المؤمنون من يعبدون الأصنام من حيث عبادتهم لآلهتهم، كأن تقولوا: تبًّا لكم ولما تعبدون من الأصنام مثلًا، فيسبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تجاوزًا عن الحق إلى الباطل بجهالة منهم بما يجب عليهم، فإن الصحابة متى شتموهم .. كانوا يشتمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالله تعالى أجرى شتم الرسول مجرى شتم الله تعالى؛ لأن الكفار كانوا مقرين بالله تعالى، وكانوا يقولون: إنما حسنت عبادة الأصنام لتصير شفعاء لهم عند الله تعالى.

تنبيه: وفي هذه الآية دليل (?) على أن الداعي إلى الحق، والناهي عن الباطل إذا خشي أن يتسبب عن ذلك ما هو أشد منه من انتهاك حرم، ومخالفة حق، ووقوع في باطل أشد، كان الترك أولى به، بل كان واجبًا عليه، وما أنفع هذه الآية وأجل فائدتها لمن كان من الحاملين لحجج الله المتصدين لبيانها للناس إذا كان بين قوم من الصم البكم الذين إذا أمرهم بمعروف تركوه، وتركوا غيره من المعروف، وإذا نهاهم عن منكر فعلوه، وفعلوا غيره من المنكرات عنادًا للحق، وبغضًا لأتباع المحقين، وجرأة على الله سبحانه وتعالى، فإن هؤلاء لا يؤثر فيهم إلا السيف، وهو الحكم العدل لمن عاند الشريعة المطهرة، وجعل المخالفة لها والتجرؤ على أهلها ديدنه وهجيراه كما يشاهد ذلك في أهل البدع الذين إذا دعوا إلى حق .. وقعوا في كثير من الباطل، وإذا أرشدوا إلى السنة .. قابلوها بما لديهم من البدعة، فهؤلاء هم المتلاعبون بالدين، المتهاونون بالشرائع، وهم شر من الزنادقة؛ لأنهم يحتجون بالباطل وينتمون إلى البدع، ويتظاهرون بذلك غير خائفين ولا وجلين، والزنادقة قد ألجمتهم سيوف الإِسلام وتحاماهم أهله، وقد ينفق كيدهم ويتم باطلهم وكفرهم نادرًا على ضعيف من ضعفاء المسلمين مع تكتم وتحرز وخيفة ووجل. وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن هذه الآية محكمة ثابتة غير منسوخة، وهي أصل أصيل في سد الذرائع، وقطع التطرق إلى الشبه.

وقرأ (?) الحسن وأبو رجاء وقتادة ويعقوب وسلام وعبد الله بن يزيد:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015