الدين، وما أداه إليه اجتهاده، واستمر على ذلك حتى ارتقى إلى مقام الإحسان .. فلا يحول ما كان قد أكل أو شرب مما لم يكن محرمًا عليه بحسب اعتقاده، دون تزكية نفسه وتطهير قلبه.

وقال الصاوي: والحاصل (?) أنه كرر سبحانه وتعالى قوله: {اتَّقَوْا} ثلاثًا، فقيل: الأول: محمول على مبدأ العمر، والثاني: على وسطه، والثالث: على آخره. وقيل: الأول: اتقوا المحرمات خوف الوقوع في الكفر، والثاني: الشبهات خوف الوقوع في المحرمات، والثالث: بعض المباحات خوف الوقوع في الشبهات. وقيل: الأول: تقوى العبد بينه وبين ربه، والثاني: تقوى العبد بينه وبين نفسه، والثالث: تقوى العبد بينه وبين الناس؛ لأن العبد لا يكمل إلا إذا كان طائعًا فيما بينه وبين ربه، مجاهدًا فيما بينه وبين نفسه، محافظًا على حقوق العباد. انتهى.

تتمة: اختلف (?) العلماء في شرب الخمر والنجاسات عند الضرورة. وأصح الآراء في ذلك: أنه يجوز بشرط الاضطرار الذي يبيح المحرمات من طعام وشراب بدليل قوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} كمن غُص بلقمة فكاد يختنق، فلم يجد ما يسيغها به سوى الخمر، وكمن أصابته نوبة ألم في القلب كادت تقضي عليه، وقد أخبره الطبيب بأن لا سبيل لدفع الخطر سوى شرب مقدار من الخمر من النوع المعروف باسم: كونياك، فقد يرى الطبيب أنه يتعين في بعض الأحيان لعلاج ما يعرض من آلام القلب لدرء الخطر كما ثبت بالتجربة.

أما التداوي بالخمر لمن يظن نفعها ولو بإخبار الطبيب، كتقوية المعدة أو الدم أو نحو ذلك مما تسمعه من كثير من الناس: فذلك منهي عنه للحديث: "إنه ليس بدواء، ولكنه داء" رواه أحمد ومسلم وأبو داود.

وكان سببه أن طارق بن سويد الجعفي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخمر - وكان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015