الشرك، وقد روى ابن ماجه عن أبي هريرة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مدمن الخمر كعابد وثن".
ومنها: أنه جعلهما من عمل الشيطان؛ لما ينشأ عنهما من الشرور والطغيان وسخط الرحمن.
ومنها: جعل اجتنابهما سبيلًا للفلاح والفوز بالنجاة.
ومنها: أنه جعلهما مثارًا للعداوة والبغضاء، وهما من أقبح المفاسد الدنيوية التي تولد كثيرًا من المعاصي في الأموال والأعراض والأنفس.
ومنها: أنه جعلهما صادين عن ذكر الله وعن الصلاة، وهما روح الدين وعماده وزاده وعتاده.
وفي هذه الآية (?): دليل على تحريم الخمر لما تضمنه الأمر بالاجتناب من الوجوب، ولما تقرر في الشريعة من تحريم قربان الرجس فضلًا عن جعله شرابًا يشرب.
وقد أجمع المسلمون على ذلك إجماعًا لا شك فيه ولا شبهة، وأجمعوا أيضًا على تحريم بيعها والانتفاع بها ما دامت خمرًا. وكما دلت هذه الآية على تحريم الخمر .. دلت أيضًا على تحريم الميسر والأنصاب والأزلام،
92 - ثم أكد الله سبحانه وتعالى هذا التحريم بقوله: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ} سبحانه وتعالى أيها المؤمنون فيما أمركم به من اجتناب الخمر والميسر وغيرهما من سائر المحرمات؛ كالأنصاب والأزلام ونحوهما. {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} محمدًا - صلى الله عليه وسلم - فيما بيَّنه لكم مما نزل عليكم من نحو قوله: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام". {وَاحْذَرُوا}، عن مخالفتهما في التكاليف؛ أي: واحترزوا واجتنبوا مخالفة الله، ومخالفة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيما أمركم به ونهاكم عنه، أو المعنى: واحذروا ما يصيبكم إذا أنتم خالفتم أمرهما من فتنة في الدينا، وعذاب في الآخرة، فإنه سبحانه لم يحرم عليكم إلا ما فيه ضرر لكم في دنياكم وآخرتكم، كما قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ