يعني: أن قياسه قساسة. انتهى. وقال عروة ابن الزبير (?): ضيعت النصارى الإنجيل وما فيه، وبقي منهم رجل يقال له: قسيس، يعني بقي على دينه، لم يبدله، فمن بقي على دينه وهديه .. قيل له: قسيس، فعلى هذا القس والقسيس مما اتفق فيه اللغتان.
قلتُ: وهذا يقوي قول ابن عطية، ولم ينقل أهل اللغة في هذا اللفظ القُس بضم القاف لا مصدرًا ولا وصفًا؛ فأما قس بن ساعدة الإيادي: فهو علم، فيجوز أن يكون مما غير عن طريق العلمية، ويكون أصله قس أو قس بالفتح أو بالكسر كما نقله ابن عطية. وقُس بن ساعدة كان أعلم أهل زمانه، وهو الذي قال فيه عليه السلام: "يُبعث أمةً واحدةً". اهـ "سمين".
{وَالرُّهْبَانِ} واحدهم (?): راهب، وهو المتبتل المنقطع في دير أو صومعة للعبادة، وحرمان النفس من التنعم بالزوج والولد، ولذات الطعام والزينة، وذكر القسيسين والرهبان للجمع بين العبَّاد والعلماء. وقال (?) الشوكاني: والرهبان: جمع راهب، كركبان وراكب، والفعل: رَهِب الله يرهبه إذا خافه، والرهبانية والترهب: التعبد في الصوامع. قال أبو عبيد: وقد يكون رهبان للواحد والجمع. قال الفراء: ويجمع رهبان إذا كان للمفرد على رهابين كقربان وقرابين. وقد قال جرير في الجمع:
رُهْبَانُ مَدْيَنَ لَوْ رَأَوْكَ تَرَهَّبُوْا
وقال الشاعر في استعمال رهبان مفردًا:
لَوْ أَبْصَرَتْ رُهْبَانُ دَيْرٍ في الْجَبَل ... لانْحَدَرَ الرُّهْبَانُ يَسْعَى وَنَزَل
{تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ}؛ أي: تمتلىء دمعًا فتفيض بتدفق من جوانبها لكثرته؛ لأن الفيض لا يكون إلا بعد الامتلاء، وجعل الأعين تفيض، والفائض إنما هو الدمع؛ قصدًا للمبالغة، كقولهم: دمعت عينه، قال امرئ القيس: