أفك. قال عروة بن أذينة:
إِنْ كُنْتُ عَنْ أحْسَنِ الْمُرُوْءَةِ مَأْ ... فُوْكًا فَفِيْ آخَريْنَ قَدْ أُفِكُوْا
قال أبو زيد: المأفوك المأفون، وهو الضعيف العقل، وقال أبو عبيدة: رجل مأفوك لا يصيب خيرًا، وائتفكت البلدة بأهلها انقلبت، والمؤتفكات مدائن قوم لوط عليه السلام قلبها الله تعالى، والمؤتفكات أيضًا الرياح التي تختلف مهابها. {لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} مأخوذ من غلا الرجل في الدين يغلو غلوًا، من باب غدًا إذا شدد وتصلب فيه حتى جاوز الحد، أصله: لا تغلووا بواوين أولاهما مضمومة وهي لام الكلمة وثانيتهما واو الضمير، استثقلت الضمة على الواو ثم حذفت، فالتقى ساكنان فحذفت واو لام الكلمة فصار لا تغلوا بوزن تفعلوا، فالغلو الإفراط وتجاوز الحد، بالزيادة في الدين أو التفريط فيه بالنقض عنه.
{وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ} والأهواء (?) جمع هوى، وهو ما تدعو شهوة النفس إليه. قال الشعبي: ما ذكر الله تعالى الهوى في القرآن إلا وذمه. وقال أبو عبيدة لم نجد الهوى يوضع إلا موضع الشر؛ لأنه يقال: فلان يهوى الخير، إلا أنه يقال: فلان يحب الخير ويريده. فالأهواء: الآراء التي تدعو إليها الشهوة دون الحجة {سَوَاءِ السَّبِيلِ} السواء في الأصل الوسط، ولكن المراد به هنا الدين الحق، والسواء أيضًا المثل، يقال في المثنى: هما في هذا الأمر سواء، وإن شت قلت: سواءان، وفي الجمع هم سواء، أو هم أسواء، ويقال أيضًا في الجمع على غير قياس: هم سواس وسواسية وسواسوة؛ أي: متساويان ومستاوون.
{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} واللعن: الحرمان من لطف الله وعنايته، والمراد باللسان (?) الجارحة لا اللغة كذا قاله الشيخ، يعني: إن الناطق بلعن هؤلاء لسان هذين النبيين وجاء قوله: {عَلَى لِسَانِ} بالإفراد دون التثنية والجمع، فلم يقل على لساني بالتثنية لقاعدة كلية وهي أن كل جزئين مفردين من صاحبيهما إذا أضيفا إلى كليهما من غير تفريق .. جاز