[78]

للإشارة إلى أنهم ضلوا من قبل، وضلوا من بعد، والمراد الأسلاف الذي سنوا الضلالة وعملوا بها من رؤساء اليهود والنصارى انتهى. والخلاصة (?): أن الله سبحانه وتعالى نهى أهل الكتاب الذين كانوا في عصر التنزيل عن الغلو الذي كان عليه من قبلهم من أهل ملتهم، وعن التقليد الذي كان سبب ضلالهم، إذ هم قد اتبعوا أهوائهم، وتركوا سنن الرسل والنبيين والصالحين من قبلهم؛ لأن كل أولئك كانوا موحدين، وكانوا ينكرون الشرك والغلو في الدين، فعقيدة التثليث وتلك الشعائر الكنسية مستحدثة من بعدهم، كشرع عبادات لم يأذن بها الله، وتحريم ما لم يحرمه الله من الطيبات، بل حرمها القسيسون والرهبان على أنفسهم وعلى من اتبعهم مبالغة في التنسك والزهد، أو رياء وسمعة، وجعلوا الأنبياء والصالحين أربابًا ينفعون ويضرون بسلطة غيبية لهم فوق سنن الله في الأسباب والمسببات الكسبية، ولذا جعلوهم آلهةً يعبدون من دون الله أو مع الله.

كل أولئك قد ضلوا به وأضلوا كثيرًا ممن اتبعهم فيه، وسيكون لسبب شقائهم وعذابهم في الآخرة إنْ لم يرجعوا عنه، وينيبوا إلى الله منه.

78 - وبعد أن بين الله ضلالهم وإضلالهم ذكر أسباب ذلك وأرشد إلى ما أخذهم به فقال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ}؛ أي: لعن الله تعالى اليهود في الزبور والنصارى في الإنجيل {عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} بأن دعوا عليهم، فاليهود (?) لعنوا على لسان داود، والنصارى لعنوا على لسان عيسى، والفريقان من بني إسرائيل، وهم أصحاب السبت وأصحاب المائدة. أمَّا أصحاب السبت فهم قوم داود، وذلك أن أهل أيلة لما اعتدوا في السبت بأخذ الحيتان .. دعا عليهم داود عليه السلام وقال: اللهم العنهم واجعلهم آية، فمسخهم الله قردة. أما أصحاب المائدة، فإنَّهم لما أكلوا من المائدة وادخروا, ولم يؤمنوا .. قال عيسى عليه السلام: اللهم عذب من كفر بعدما أكل من المائدة عذابًا لم تعذبه أحدًا من العالمين، والعنهم كما لعنت أصحاب السبت، فمسخوا خنازير وكانوا خمسة آلاف ليس فيهم امرأة ولا صبي، وستأتي قصتهم إن شاء الله تعالى {ذَلِكَ} اللعن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015