[73]

لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله". {وَمَا لِلظَّالِمِينَ} لأنفسهم بشركهم بالله {مِنْ أَنْصَارٍ} أي ناصر ينصرهم ويمنعهم من دخول عذاب الله، ولا شفيع ينقذهم مما يحل بهم. {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} فقوله: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} إما من كلام الله تعالى، أخبر أنهم ظلموا وعدلوا عن الحق في أمر عيسى، وتقولهم عليه فلا ناصر لهم على ذلك، وإمَّا من كلام عيسى. والظاهر (?) أنه من كلام عيسى، أخبرهم أنَّه من تجاوز الحد، ووضع الشيء في غير موضعه: فلا ناصر له ولا مساعد فيما افترى وتقول، وفي ذلك ردع لهم عما انتحلوه في حقه من دعوى أنَّه إله وأنه ظلم، إذ جعلوا ما هو مستحيل في العقل واجبًا وقوعه، أو فلا ناصر له ولا منجي له من عذاب الله تعالى في الآخرة، ذكره أبو حيان. وصيغة الجمع في قوله: {مِنْ أَنْصَارٍ}، للإشعار بأنَّ نصرة الواحد غير محتاج إلى التعرض لنفيه لشدة ظهوره، وإنما ينفى بالتعرض لنفي نصرة الجمع، والمراد بالظالمين هنا المشركون، بقرينة ما قبله، إذ الظالمون من المسلمين لهم ناصر وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - لشفاعته لهم يوم القيامة. انتهى "كرخي".

73 - {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}؛ أي: إنَّ الله سبحانه وتعالى أحد آلهة ثلاثة، وهذا قول المرقوسية والنسطورية من النصاوى. وفي تفسير قولهم هذا طريقان:

أحدهما: وهو قول أكثر المفسرين: أنهم أرادوا بهذه المقالة أن الله تعالى ومريم وعيسى آلهة ثلاثة، وأن الألوهية مشتركة بينهم، وأن كل واحد منهم إله. ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى للمسيح: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} قال تعالى: {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا} {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ}. ففي قوله: {ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}: حذف تقديره: إن الله أحد آلهة ثلاثة، أو واحد من ثلاثة آلهة، قال الواحدي: ولا يكفر من قال: إن الله ثالث ثلاثة، ولم يرد به أنه ثالث آلهة ثلاثة، لأنه ما من اثنين إلا والله ثالثهما بالعلم، ويدل عليه قوله تعالى في سورة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015