سورة المائدة مدنية، إلا قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}، فإنها نزلت بعرفة في حجة الوداع والنبي - صلى الله عليه وسلم - واقف بعرفة، فقرأها النبي - صلى الله عليه وسلم - في خطبته، وقال: "يا أيها الناس إن سورة المائدة من آخر القرآن نزولًا، فأحلوا حلالها، وحرموا حرامها"، وإنما قال فيها ذلك - مع كون كل القرآن كذلك - .. لزيادة الاعتناء بها، وإلا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ}، فإنها نزلت بمكة عام الفتح.
والمشهور أن المدني: ما نزل بعد الهجرة، سواء نزل بالمدينة أو بمكة أو في سفر. وتسمَّى سورة المائدة، وسورة العقود، وسورة المنقذة. وسميت سورة المائدة؛ لورود ذكر المائدة فيها، حيث طلب الحواريون من عيسى عليه السلام آية تدل على صدق نبوته، وتكونُ لهم عيدًا، وقصتها أعجب ما ذكر فيها؛ لاشتمالها على آيات كثيرة ولطف عظيم من الله العلي العظيم. وآياتها مئة وعشرون في العد الكوفي، ومئة وثنتان وعشرون في العد الحجازي، ومئة وثلاثة وعشرون في العد البصري.
فضلها: ومما يدل على فضلها: ما رُوي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: (?) (أُنزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة المائدة وهو راكب على راحلته، فلم تستطع أن تحمله، فنزل عنها). أخرجه أحمد.
وروى البغوي بسنده عن ميسرة قال: إن الله تعالى أنزل في هذه السورة ثمانية عشر حكمًا لم ينزلها في غيرها، وهي قوله: {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ}،