[149]

وقرأ الجمهور (?): {إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} مبنيًّا للمفعول، وقرأ ابن عباس وابن عمر وابن جبير وعطاء بن السائب والضحاك وزيد بن أسلم وابن أبي إسحاق ومسلم بن يسار والحسن وابن المسيب وقتادة وأبو رجاء: {إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} مبنيًّا للفاعل، وعلى هذه (?) القراءة فالاستثناء منقطع؛ أي: إلا من ظَلَم في فعل أو قول فاجهروا له بالسوء من القول في معنى النهي عن فعله والتوبيخ له. وقال قوم: معنى الكلام: لا يحب اللهُ أن يَجهر أحد بالسوء من القول، لكن مَنْ ظَلَمَ .. فإنه يجهر بالسوء ظلمًا وعدوانًا وهو ظالم في ذلك، وهذا شأن كثير من الظلمة؛ فإنهم مع ظلمهم يستطيلون بألسنتهم على من ظلموه وينالون من عرضه.

{وَكَانَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى {سَمِيعًا} لِمَا يجهر به من السّوء، فلا يفوته قولٌ من أقوال مَنْ يجهر بالسوء {عَلِيمًا} بما يسر به منه، فلا يعزب عن علمه البواعث التي أدت إليه؛ إذ لا يخفى عليه شيء من أقوال العباد ولا من أفعالهم ونياتهم، فمن جهر بالسوء الذي لا يحبه اللهُ لعباده لضرره ومفسدته لظلم وقع عليه .. فإنه لا يؤاخذه، بل ربما أثابه على ذلك؛ لإراحة الناس من شر فاعله، فإن الظالم إن لم يؤاخذ على ظلمه يزداد فيه ضراوة وإصرارًا. وقيل: سميعًا لكلام المظلوم، عليمًا بالظالم. وقيل: سميعًا بشكوى المظلوم، عليمًا بعقبى الظالم، أو عليمًا بما في قلب المظلوم، فليتقِ الله ولا يقل إلّا الحق. وهذه الجملة خبر، ومعناه: التهديد والتحذير

149 - {إِنْ تُبْدُوا} وتظهروا {خَيْرًا}؛ أي: عمل بر وخير؛ كالصلاة والصيام والصدقة مثلًا {أَوْ تُخْفُوهُ}؛ أي: تخفوا الخير. وتعملوه سرًّا {أَوْ تَعْفُوا} وتسامحوا {عَنْ سُوءٍ}؛ أي: عن مظلمة لكم المؤاخذة عليها؛ أي: تسامحوا عن ظلم من ظلمكم وهذا هو المقصود من الكلام (?). وذكر إبداء الخير وإخفائه توطئة له، ولذلك رتب عليه قوله: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} وهذا تعليل لجواب الشرط المحذوف، تقديره: فهو أولى لكم من تركه؛ أي: فالعفو عن السوء أولى وأصلح لكم من ترك العفو؛ فإن الله سبحانه وتعالى {كَانَ عَفُوًّا}؛ أي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015