[143]

يدفعهم على فعل؛ لأنهم لا يرجون ثوابًا في الآخرة، ولا يخشون عقابًا، إذ لا إيمان لهم وإنما يخشون الناس، فإذا كانوا بمعزل عن المؤمنين .. تركوها، وإذا كانوا معهم .. سايروهم بالقيام بها، ومن كانت هذه حاله .. وقع عمله على وجه الكسل والفتور وقرأ الجمهور (?): {كُسَالَى} بضم الكاف، وهي لغة أهل الحجاز، وقرأ الأعرج: {كسالى} بفتح الكاف، وهي لغة تميم وأسد، وقرأ ابن السميقع: {كسلى} على وزن فعلى، وصف بما يوصف به المؤنث المفرد، على مراعاة الجماعة كقراءة: {وترى الناس سكرى}، {يُرَاءُونَ النَّاسَ} بها؛ أي: يقصدون بصلاتهم الرياء والسمعة، وأن يراهم المؤمنون مسلمين فيعدوهم منهم، وقرىء (?): {يرءون} بهمزة مضمومة مشددة بين الراء والواو، ونسب الزمخشري هذه القراءة لابن أبي إسحاق، إلا أنه قال: قرأ {يرءونهم} بهمزة مشددة، مثل يرعُّونهم؛ أي: يبصرونهم أعمالهم، ويراؤونهم كذلك.

{وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}؛ أي: لا يصلون إلا قليلًا بمرأى من الناس، وإذا لم يكن معهم أحد .. لم يصلوا، وإذا كانوا مع الناس .. راؤوهم وصلوا معهم، ولا يذكرون الله إلا باللسان، وسميت الصلاة ذكرًا لاشتمالها عليه، حالة كونهم

143 - {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ}؛ أي: مضطربين مترددين بين كفر السر وإيمان العلانية {لَا} هم منسوبين {إِلَى هَؤُلَاءِ} المؤمنين لإسرارهم الكفر {وَلَا} هم منسوبين {إِلَى هَؤُلَاءِ} الكافرين لإظهارهم الإيمان، والمعنى: ذبذبهم وقلقلهم الشيطان والهوى بين الإيمان والكفر، يترددون بينهما متحيرين، لا يخلصون إلى أحد الفريقين؛ لأنهم طلاب منافع، ولا يدرون لمن تكون له العاقبة، فمتى ظهرت الغلبة لأحدهما .. ادعوا أنهم منه، كما بين ذلك فيما سلف، {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ}؛ أي: يخذله ويسلبه التوفيق {فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا}؛ أي: طريقًا يوصله إلى الحق؛ أي: ومن قضت سنته أن يكون ضالًا عن الحق، موغلًا في الباطل بما قدم من عمل، وتخلق به من خلق .. فلن تجد له سبيلًا للهداية باجتهادك والمبالغة في إقناعه بالحجة والدليل، فإن سنة الله لا تتبدل ولا تتحول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015