[126]

والخلاصة: أنه مَنَّ عليه بسلامة الفطرة، وقوة العقل، وصفاء الروح، وكمال المعرفة، وفنائه في التوحيد.

وإنما سمي (?) إبراهيم خليلًا لأنه انقطع إلى الله في كل حال، وقيل: لأنه وإلى في الله وعادى في الله، وقيل: لأنه تخلق بأخلاق حسنة وخلال كريمة، وقيل: الخليل المحب الذي ليس في محبته خلل، وسمي إبراهيم خليل الله لأنه أحبه محبة كاملة ليس فيها نقص ولا خلل، وأُنشد في معنى الخلة التي هي بمعنى المحبة:

قَدْ تَخَلَّلْتَ مَسْلَكَ الرُّوْحِ مِنِّيْ ... وَبِهِ سُمِّيَ الْخَلِيْلُ خَلِيْلاَ

ومعنى خلة العبد لربه: جعل فقره وفاقته وحاجته إلى الله تعالى، ومعنى خلة الله للعبد: هي تمكينه من طاعته وعصمته وتوفيقه وستر خلله ونصره والثناء عليه، فقد أثنى الله عَزَّ وَجَلَّ على إبراهيم عليه السلام، وجعله إمامًا للناس يقتدى به.

126 - ثم ذكر ما هو كالعلة لما سبق بقوله: {وَلِلَّهِ} سبحانه وتعالى، لا لغيره {مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} ملكًا وخلقًا وعبيدًا؛ أي: إن كل ما في السموات والأرض ملك له ومن خلقه، مهما اختلفت صفات المخلوقات .. فجميعها مملوكة عابدة له، خاضعة لأمره، يصطفي من يشاء منها بما شاء من كرمه وجوده، لا اعتراض عليه {وَكَانَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى {بِكُلِّ شَيْءٍ}: من أهل السموات والأرض وغيرهما {مُحِيطًا} إحاطة قهر وتسخير، وإحاطة علم وتدبير، وإحاطة وجود؛ لأن هذه الموجودات ليس وجودها من ذاتها، ولا هي ابتدعت نفسها، بل وجودها مستمد من ذلك الوجود الأعلى، فالوجود الإلهي هو المحيط بكل موجود، فوجب أن يخلص له الخلق، ويتوجه إليه العباد، فهذه الجملة مقررة لمعنى الجملة التي قبلها؛ أي: أحاط علمه بكل شيء، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.

وقد جاءت هذه الآية خاتمة لما تقدم لفوائد:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015