ويصوم رمضان، ويؤدي الزكاة، ويجتنب الكبائر السبع .. إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة، حتى إنها لتصفق"، ثم تلا: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}، وقيل: لا يشترط ذلك بل تكفر الصغائر باجتناب الكبائر، فإنَّ اجتناب الكبائر من أعظم الطاعات، وهو المعتمد لظاهر الآية. {وَنُدْخِلْكُمْ} في الآخرة {مُدْخَلًا كَرِيمًا}؛ أي: موضعًا طيبًا ومنزلًا حسنًا، أو ندخلكم مكانًا لكم فيه الكرامة عند ربكم، وهو الجنة التي تجري من تحتها الأنهار، ومعنى كونه كريمًا أنه لا نكد فيه ولا تعب، بل فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، جعلنا الله سبحانه وتعالى من أهلها.
وقرأ ابن عباس وابن جبير (?): {إن تجتنبوا كبير} على الإفراد، وقرأ المفضلُ عن عاصم: {يُكفِّر} {ويدخلكم} بالياء على الغيبة، وقرأ ابن عباس: {من سيئاتكم}، بزيادة (من)، وقرأ نافع: {مُدْخَلًا} هنا، وفي الحج بفتح الميم، ورُويت عن أبي بكر، وقرأ باقي السبعة بضمها.
واعلم: أنه قد اختلف العلماءُ في عدد الكبائر، وتحقيق معناها، فقال ابن مسعود: هي ثلاث: القنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله، وروي عنه أيضًا أنها أربع، فزاد الإشراك بالله، وقال عليٌّ: هي سبع، الإشراك بالله، وقتل النفس، وقذفُ المحصنة، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والفرارُ يوم الزحف، والتعرب بعد الهجرة، وقال عبيد بن عمير: الكبائر سبع كقول علي في كل واحدة منها أية من كتاب الله، وجعل الآية في التعرب: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى ...} الآية.
والأحاديث الصحيحة (?) كما سيأتي مختلفة في عددها، ومجموعها يزيد على سبع، ومن ثم قال ابن عباس: لما قال له رجل: الكبائر سبع؟ قال: هي إلى سبعين أقرب، وفي رواية عنه: هي إلى سبع مئة أقرب؛ إذ لا صغيرة مع