الشروع فيه، فلم أخّر الاستعانة عن العبادة؟

قلت: ذكروا فيه وجوها:

أحدها: أنّ هذا يلزم من يجعل الاستطاعة قبل الفعل، ونحن بحمد الله نجعل التوفيق والاستطاعة مع الفعل، فلا فرق بين التقديم والتأخير.

الثاني: أنّ الاستعانة نوع تعبّد، فكأنّه ذكر جملة العبادة أولا، ثمّ ذكر ما هو من تفاصيلها ثانيا.

الثالث: كأنّ العبد يقول: شرعت في العبادة فأنا أستعين بك على إتمامها، فلا يمنعني من إتمامها مانع.

والرابع: أنّ العبد إذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} حصل له الفخر، وذلك منزلة عظيمة، فيحصل بذلك العجب، فأردف ذلك بقوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ليزول ذلك العجب الحاصل بسبب تلك العبادة.

وفي «النسفي»: وأطلقت الاستعانة؛ لتتناول كلّ مستعان فيه، ويجوز أن يراد الاستعانة به وبتوفيقه على أداء العبادات، ويكون قوله: {اهْدِنَا الصِّراطَ} بيانا للمطلوب منه المعونة، فكأنّه قيل: كيف أعينكم؟ فقالوا: {اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ...} الخ. اه.

والمجيء بالنون في الفعلين (?)؛ لقصد الإخبار من الداعي عن نفسه وعن جنسه من العباد. وقيل: إنّ المقام لمّا كان عظيما، لم يستقلّ به الواحد؛ استقصارا لنفسه، واستصغارا لها، فالمجيء بالنون؛ لقصد التواضع لا لتعظيم النفس، وتقديم المعمول على العامل في الفعلين؛ لقصد الاختصاص. وقيل:

للاهتمام، والصواب أنّه لهما، ولا تزاحم بين المقتضيات.

وكرّر (?) {إِيَّاكَ} للتنصيص على اختصاصه تعالى بالاستعانة أيضا، والاستعانة: طلب العون، ويعدّى بالباء وبنفسه؛ أي: نطلب العون على عبادتك،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015