الكتابية، فلا يجوز نكاحها؛ لأن فيها نقصين: الرق والكفر. وقال الشوكاني: الطَّول: الغنى والسعة، ومعنى الآية: فمن لم يستطع منكم غنىً وسعةً في ماله، يقدر بها على نكاح المحصنات المؤمنات .. فلينكح من فتياتكم المؤمنات انتهى.
والفتيات جمع فتاة، وهي المرأة الحديثة السنِّ، ويقال للشابة: فتاة، وللغلام فتى، والأمة تسمى فتاة، سواء كانت عجوزًا أو شابة؛ لأنها كالشابة في أنها لا توقر توقير الكبير.
وعبر عن (?) الإماء بالفتيات تكريمًا لهن، وإرشادًا لنا إلى أن لا ننادي بالعبد والأمة، بل بلفظ الفتى والفتاة. وقد روى البخاري قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقولن أحدكم: عبدي أمتي، ولا يقل المملوك: ربي، ليقل المالك: فتاي وفتاتي، وليقل المملوك: سيدي وسيدتي، فإنكم المملوكون والرب هو الله عز وجل". {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {أَعْلَمُ} منكم {بِإِيمَانِكُمْ}؛ أي: بمراتبكم في الإيمان، وهو العلم بحقيقة الإيمان ودرجة قوته وكماله فرب أمة يفوق إيمانها إيمان الحرائر، فتكون أفضل منهن عند الله تعالى، {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، فاعملوا على الظاهر في الإيمان، فإنكم مكلفون بظواهر الأمور، والله يتولى السرائر والحقائق. والمعنى: فلا يشترط في نكاحها أن يُعلم إيمانُها علمًا يقينيًّا، فإنَّ ذلك لا يطلع عليه إلا الله تعالى {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}؛ أي: أنتم وأرقائكم متناسبون، نسبكم من آدم ودينكم الإِسلام وما أحسن قول عليّ رضي الله عنه:
النَّاسُ مِنْ جِهَةِ التَّمْثِيْلِ أَكْفَاءُ ... أَبُوْهُمُ آدَمُ وَالأُمُّ حَوَّاءُ
والمعنى: كلكم مشتركون في الإيمان، وهو أعظم الفضائل، فإذا حصل الاشتراك في ذلك .. كان التفاوت فيما وراءه غير معتبر، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ثلاث من أمر الجاهلية: الطعن في الأنساب، والفخر بالأحساب، والاستسقاء بالأنواء" فلا ينبغي أن تعدوا نكاح الأمة عارًا عند الحاجة إليه، وفي هذا إشارة إلى أن الله تعالى قد رفع شأن الفتيات المؤمنات، وساوى بينهن وبين