العربي: وأما متعة النساء: فهي من غرائب الشريعة؛ لأنها أبيحت في صدر الإِسلام، ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت في غزوة أوطاس، ثم حرمت بعد ذلك، واستقر الأمر على التحريم، وليس لها أخت في الشريعة إلا مسألة القِبْلَة، فإن النسخ طرأ عليها مرتين، ثم استقرت كما سيأتي ذلك كله مع بيان أدلة تحريمها.
{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}؛ أي: ولا حرج ولا منع ولا تضييق عليكم ولا عليهن، {فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ}؛ أي: فيما اتفقتم عليه أيها الأزواج والزوجات من النقص في المهر، أو تركه كله، أو الزيادة فيه؛ أي: اتفقتم عليه، {مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ}، والتقدير أولًا في عقد النكاح: فلا جناح عليكم في الزيادة، ولا عليهن في الحط؛ أي: لا إثم عليكم في أن تهب المرأة للزوج مهرها، أو يهب الزوج للمرأة المطلقة قبل الدخول تمام المهر، أو فيما تراضيا عليه من النفقة ونحوها، من غير ذكر المقدار المعين في العقد؛ إذ ليس الغرض من الزوجية إلا أن يكونا في عيشة راضية، يستظلان فيها بظلال المودة والرحمة والهدوء والطمأنينة، والشارع الحكيم لم يصنع لكم إلا ما فيه سعادة الفرد والأمة، ورقي الشؤون الخاصة والعامة.
{إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {كَانَ عَلِيمًا} بمصالح العباد {حَكِيمًا} فيما شرعه لهم، فلا يشرع الأحكامَ إلا على وفق الحكمة، وذلك يوجب التسليم لأوامره، والانقياد لأحكامه، وقد وضع لعباده من الشرائع بحكمته ما فيه صلاحهم ما تمسَّكوا به، ومن ذلك أنه فرض عليهم عقد النكاح الذي يحفظ الأموال والأنساب، وفرض على من يريد الاستمتاع بالمرأة مهرًا يكافؤها به على قبولها قيامه ورياسته عليها، ثم أذن للزوجين أن يعملا ما فيه الخير لهما بالرضا، فيحطا المهر كله أو بعضه أو يزيدا عليه.
ونكاح المتعة: وهو نكاح المرأة إلى أجل معين ليوم أو أسبوع أو شهر، فإذا انقضت تلك المدةُ .. بانت منه بغير طلاق، ويستبرىء رحمها وليس بينهما ميراث. وكان مرخصًا فيه في بدء الإِسلام، وأباحه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه في بعض