وأخرج الطبراني (?) أيضًا، وابن أبي حاتم، والفريابي، عن عدى بن ثابت، عن رجل من الأنصار، قال توفي أبو قيس بن الأصلت، وكان من صالحِي الأنصار فَخَطَب ابْنُه قيس امرأتَه، فقالت: إنما أعَدُك ولدًا، وأنت من صالحي قومك، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فقال: ارجعي إلى بيتك، فنزلت هذه الآية: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}.
قوله تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ ...} سبب نزولها (?). ما أخرجه ابن جرير، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} ما سببها قال: كنا نتحدث أنها نزلت في محمَّد - صلى الله عليه وسلم - حِينَ نكح امرأةَ زيد بن حارثة، قال: المشركون في ذلك فنزلت: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} ونزلت: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} ونزلت {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}.
التفسيرُ وأوجه القراءة
22 - {وَلَا تَنْكِحُوا}؛ أي: ولا تتزوجوا أيها المؤمنون {مَا نَكَحَ}، وتزوج {آبَاؤُكُمْ} من نسب أو رضاع، حقيقةً أو بواسطة، فيشمل الأجدادَ، وإن علوا {مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} وسَبَقَ منكم في الجاهلية قبل نزول آية التحريم من نكاح زوجات الآباء فإنه معفوٌّ عنه لا مؤاخذةَ عليكم به.
والخلاصة: أنكم تستحقُّون العقابَ بنكاح ما نكح آباءكم إلا ما قد سلف، ومَضَى فإنه مفعو عنه، وهذا شروع (?) منه في بيان من يحرم نكاحها من النساء، ومن لا يحرم، وإنما خَصَّ هذا النكاحَ بالنهي، ولم ينتظم في سلك نكاح المحرمات الآتية مبالغةً في الزجر عنه حيث كانوا مُصِرّينَ على تعاطيه، وكانَ فاشيًا في الجاهلية، وقد ذَمَّهُ الله أقبحَ ذم، فسماه فاحشةً، وجَعَلَه مبغوضًا أشدَّ البغض، قال ابن عباس رضي الله عنهما: وجمهور المفسرين كان أهلُ الجاهلية