البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البيان والبديع:
منها: التجوزُ (?) باطلاق اسم الكل على البعض في قوله: {يَأتِينَ الْفَاحِشَةَ} لأن أل في الفاحشة تستغرق كل فاحشةٍ، وليس مرادًا، وإنما أطلق اسمُ الكل على البعض تعظيمًا لقبحة، وفحشه؛ كأنه لا فاحشةَ إلّا هو، فإنَّ كان العرف في الفاحشة الزنا، فليس من هذا الباب إذ تكونُ الألفُ واللام فيه للعهد.
ومنها: التجوزُ بأن يُرادَ من المطلق بعض مدلوله في قوله: {فَآذُوهُمَا} إذا فسر بالتعيير، أو بالضرب بالنعال، أو الجمع بينهما، وبقوله: {سَبِيلًا} والمراد الجلد، أو رجمُ المحصن، وبقوله {فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا}: أي: اتركوهما.
ومنها: المجاز العقليُّ بإسناد الفعل إلى غير فاعله في قوله: {حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ}: والمرادُ يتوفاهن اللهُ أو ملائكته، وفي قوله: حَتَّى إذا حضر أحدهم الموت؛ أي: علاماتُه ومقدماتُه.
ومنها: التجنيس المغاير في قوله: {فَإِنْ تَابَا} {إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا}.
ومنها: التجنيسُ المماثل في قوله: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا}.
ومنها: التكرار - أي: الإطناب - في اسم الله في مواضع، وفي قوله: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ} {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ}، وفي قوله: {اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ}.
ومنها: إطلاق المستقبل على الماضي في قوله: {وَاللَّاتِي يَأتِينَ الْفَاحِشَةَ} و {وَاللَّذَانِ يَأتِيَانِهَا مِنْكُمْ}، و {يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} و {ثُمَّ يَتُوبُونَ}.
ومنها: الإشارة والإيماء في قوله: {كَرْهًا} فإن تحريمَ الإرث كُرْهًا يوميء إلى جوازه طوعًا، وقد صرح بذلك في قوله: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ}.
ومنها: الإيماء أيضًا في قوله: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ}