سعادته، وسروره في انتظام معيشته، وحسن خدمته، ولا سيما إذا أصيب بالأمراض، أو بالفقر، والعَوَزِ فتكون خَيْرَ سلوى وعون في هذه الأحوال، فيجب على الرجل أن يتذكر مثلَ ذلك كما يذكر أنه قلما يخلو من عيب تصبر عليه امرأته في الحال، والاستقبال، وقيل (?) أن ترى مُتَعَاشِرَين يرضى كل واحد منهما جميعَ خلق الآخر، ويقال: ما تعاشر اثنان إلا وأحدهما يتغامض عن الآخر، وفي صحيح مسلم "لا يفرك مؤمن مؤمنةً، إن كره منها خلقًا رضيَ منها آخر" وأنشدوا في هذا المعنى:

وَمَنْ لاَ يُغَمِّضْ عَيْنَهُ عَنْ صَدِيْقِهِ ... وَعَنْ بَعْضِ مَا فِيْهِ يَمُتْ وَهْوَ عَاتِبُ

وَمَنْ يَتَتَبَّعْ جَاهِدًا كُلَّ عَثْرَةٍ ... يَجِدْهَا وَلاَ يَسْلَمُ لَهُ الْدَّهْرَ صَاحِبُ

وقد جاء (?) قوله تعالى: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} في سِياق حديث النساء دستورًا كاملًا، وحاكمًا عادلًا إذا نحن اتبعناه كان له الأثرُ الصالح في جميع أعمالنا، وهَدَانا إلى الرشد في جميع شؤوننا فكثيرٌ ممَّا يكرهُه الإنسانُ يكون له فيه الخَيْرُ، ومتى جاء ذلك الخير .. ظهرَتْ فائدةُ ذلك الشيء المكروه، والتجارب أصدَقُ شاهد على ذلك، فالقتال لأجل حماية الحقِ والدِّفاع عنه، يكرهه الطبع لما فيه من المشقة، لكن فيه إظهار الحق، ونصرُه ورفعة أهله، وخذلان الباطل وحزبه، على أنَّ الصبرَ على احتمالِ المكروه يمرن النفسَ على احتمال الأذى، ويعودها تحملَ المشاق في جسيم الأمور، وبالجملة: فالإحسان إلى النساء من مكارم الأخلاق، وإن وقعَتْ منهن الإساءَةُ لما في الحديث "يغلبن كريمًا، ويغلبهن لئيم، فأحب أن أكون كريمًا مغلوبًا، ولا أحب أن أكون لئيمًا غالبًا".

والخلاصة: أن الإِسلام وصى أهلَه بحسن معاشرة النساء، والصبر عليهن، إذا كَرِهَهُنَّ الأزواجُ رجاءَ أن يكون فيهن خير كثير، ولا يبيحُ عضلَهن افتِدَاؤهن أنفسهن بالمال، إلا إذا أتين بفاحشة مبينة بحيث يكون إمساكهن سببًا في مهانة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015