وثامنها: أنّ الباء حرف عامل ومتصرف في غيره، فظهر لها من هذا الوجه قدر وقدرة، فصلحت للابتداء بخلاف الألف؛ فإنّه ليس بعامل.
وتاسعها: أنّ الباء حرف كامل في صفات نفسه؛ بأنّه للإلصاق والاستعانة والإضافة، مكمّل لغيره؛ بأن يخفض الاسم التابع له، ويجعله مكسورا متصفا بصفات نفسه، وله علوّ وقدرة في تكميل الغير بالتوحيد والإرشاد، كما أشار إليه عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - بقوله: (أنا النقطة تحت الباء). فالباء له مرتبة الإرشاد والدلالة على التوحيد.
وعاشرها: أنّ الباء حرف شفوي، تنفتح الشفة به ما لا تنفتح بغيره من الحروف الشفوية؛ ولذلك كان أول انفتاح فم الذرة الإنسانية، في عهد {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} بالباء في جواب {بَلى}، فلمّا كان الباء أول حرف نطق به الإنسان، وفتح به فمه، وكان مخصوصا بهذه المعاني، اقتضت الحكمة الإلهيّة اختياره من سائر الحروف، فاختارها ورفع قدرها، وأظهر برهانها، وجعلها مفتاح كتابه ومبتدأ لكلامه وخطابه تعالى وتقدس، كذا في التأويلات النجمية.
وأما الباء: فلا بحث فيها من جهة التصريف، كما قال ابن مالك في الخلاصة:
حرف وشبهه من الصّرف بري ... وما سواهما بتصريف حري
(اسم): اختلف علماء اللغة في اشتقاق الاسم، فذهب البصريون إلى أنّه من السموّ، وهو العلوّ؛ لأنه من سما يسمو سموا. وذهب الكوفيّون (?) إلى أنّه مشتق من السمة؛ لأنه من وسم يسم، وسما، وسمة، وهي العلامة؛ لأنه علامة على مسماه، وكلاهما صحيح من جهة المعنى. وفيه خمس لغات: اسم بكسر الهمزة، واسم بضمّها بوزن أفع، والذاهب من الواو لام الكلمة؛ لأنه من سموت، وجمعه: أسماء، وتصغيره: سميّ. قال الجوهري: وأسماء يكون جمعا