بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ولمّا فرغنا من مباحث الاستعاذة شرعنا في مباحث البسملة، وقلنا:
قال الله سبحانه جلّ وعلا:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. (1)
وحكمة تأخيرها عن الاستعاذة (?): الإشعار بأنّ باب التحلية (بالمهملة)، مؤخرّ عن باب التخلية (بالمعجمة)، وبأنّ الإقبال على الله سبحانه، والتوجه إليه، مؤخر عن الإعراض عمّا سوى الله تعالى، والأصحّ المقبول عند متأخري الحنفية: أنّ البسملة آية فذّة ليست جزءا من السورة، أنزلت للفصل بين السور والتبرّك بالابتداء بها، كما بدىء بذكرها في كلّ أمر ذي بال، وهي: مفتاح القرآن، وأول ما جرى به القلم في اللوح المحفوظ، وأول ما نزل على آدم عليه السلام.
وحكمة الابتداء بها (?): أنّه كانت الكفّار يبدؤون بأسماء آلهتهم، فيقولون:
باسم اللات والعزّى، فوجب أن يقصد الموحّد معنى اختصاص اسم الله عزّ وجلّ بالابتداء، وذلك بتقديمه وتأخير الفعل، فلذلك قدّر المحذوف متأخرا؛ أي:
باسم الله أقرأ، أو أتلو، أو آكل، أو أشرب، أو غير ذلك مما جعلت التسمية مبدأ له.