والسابع في بلاغتها: ومن بلاغتها: العدول (?) من صيغة الإنشاء الذي هو المقصود من الكلام إلى صيغة الإخبار؛ لفائدة التفاؤل بالوقوع، كأنّه وقع الإعاذة، فيخبر عن مطاوعه؛ لأنّ مقتضى ظاهر السؤال أن يقال: أعذني يا ربّ من الشيطان الرجيم.

ومنها: الالتفات من الخطاب بقوله: أعوذ بك، إلى الغيبة بقوله: أعوذ بالله؛ لأنّ اسم الظاهر من قبيل الغيبة؛ لغرض التبرّك والتّلذّذ بلفظ الجلالة، ومنها: الإتيان بالصفة الكاشفة في قوله: (الرجيم)؛ لتأكيد معنى الموصوف.

والثامن في بيان لطيفة هذه الجملة: ومن (?) لطائف الاستعاذة أنّ قوله:

(أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) إقرار من العبد بالعجز والضعف، واعتراف من العبد بقدرة البارىء عزّ وجلّ، وأنّه هو الغنيّ القادر على دفع جميع المضرّات والآفات، واعتراف من العبد أيضا، بأنّ الشيطان عدوّ مبين، ففي الاستعاذة:

التجاء إلى الله تعالى القادر على دفع وسوسة الشيطان الغويّ الفاجر، وأنه لا يقدر على دفعه عن العبد إلّا الله تعالى. والله أعلم.

[فائدتان من الاستعاذه]

فائدتان:

الأولى: فإن قلت: ما الحكمة في الأمر بالاستعاذة عند قراءة القرآن، حيث قال تعالى في سورة النحل {فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ}؟.

قلت: الحكمة في الاستعاذة عندها الاستئذان، وقرع الباب؛ لأنّ من أتى باب ملك من الملوك لا يدخل إلا بإذنه، كذلك من أراد قراءة القرآن؛ إنّما يريد الدخول في المناجاة مع الحبيب، فيحتاج إلى طهارة اللسان؛ لأنّه قد تنجّس بفضول الكلام والبهتان، فيطهّره بالتعوذّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015