الأحوال، ولو في حال افتدائه نفسه في الآخرة، وقيل: هي زائدة، كما قرئ شاذًا بإسقاطها، ومفعول افتدى محذوف؛ أي: ولو افتدى نفسه. وقرأ عكرمة شاذًا {فلنْ نقبل}: بالنون، و {وملء}: بالنصب، وقرىء شاذًا: {فلن يَقبل} بالياء مبنيًّا للفاعل؛ أي: فلن يقبل الله و {ملء} بالنصب، وقرأ أبو جعفر وأبو السمال شذوذًا: {مل الأرض} بدون همز، ورويت عن نافع، ووجهه أنَّه نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبل - وهو اللام - وحذفت الهمزة، وهو قياس في كل ما كان نحو هذا، وقرأ الأعمش شذوذًا أيضًا: {ذهبٌ}: بالرفع، وحمل على أنَّه بدل من (ملء)، وقرأ ابن أبي عبلة شذوذًا أيضًا: {لو افتدى به}: بدون واو.
فإن قلت (?): الكافر لا يملك شيئًا في الآخرة فما وجه قوله: {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا}؟.
قلتُ: الكلام ورد على سبيل الفرض والتقدير، والمعنى: لو أنَّ للكافر قدر ملء الأرض ذهبًا يوم القيامة .. لبذله في تخليص نفسه من العذاب، ولكن لا يقدر على شيء من ذلك.
وقيل معناه: لو أنَّ الكافر أنفق في الدنيا ملء الأرض ذهبًا، ثم مات على كفره .. لم ينفعه ذلك؛ لأنَّ الطاعة مع الكفر غير مقبولة؛ لأنَّ الكفر يحبط أعماله، ويمحو كل حسناته، فمن لم تزك نفسه في الدنيا، وتسمُ عما يكدرها من ظلمات الكفر، وأوضار الشرك .. فلن ينفعها يوم مناقشة الحساب عمل وإنْ جَلَّ، ولا فضيلة وإن عظمت، إذ المعول عليه في ذلك اليوم هو الإيمان الصحيح بالله، واليوم الآخر، والعمل الصالح الذي يرقى بصاحبه إلى حظيرة القدس في جوار الرب الرحيم.
{أُولَئِكَ} الكفار الذين ماتوا على الكفر {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}؛ أي: وجيع يخلص وجعه إلى قلوبهم {وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}؛ أي: مانعين يدفعون عذاب الله