مذهب بعض العرب يسكنون الهاء إذا تحرك ما قبلها، فيقولون: ضربته ضربًا شديدًا، كما يسكنون ميم أنتم وقمتم، وما ذهب إليه أبو إسحاق من أن الإسكان غلط، ليس بشيء؛ إذ هي قراءة في السبعة، وهي متواترة.
وقرأ أبو المنذر سلام والزهري شذوذًا (?): {يؤده} بضم الهاء بغير واو، وقرأ قتادة وحمزة ومجاهد شذوذًا أيضًا: بواو في الإدراج.
وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي (?)، ويحيى بن وثاب، والأعمش وابن أبي ليلى، والفياض بن غزوان، وطلحة وغيرهم شذوذًا: (دِمت) بكسر الدال، وهي لغة تميم.
وخلاصة الكلام: أنّ أهل الكتاب طائفتان:
الأولى: طائفة تُؤَمَّن على الكثير والقليل،؛ كعبد الله بن سلام وأصحابه، استودعه قرشي ألفًا ومائتي أوقية من ذهب، فأداها إليه كما مرَّ.
والثانية: طائفة أخرى تخون الأمانة، فلو استودعتها القليل جحدته، ولا تؤديه إليك إلا إذا أدمت الوقوف على رأسها، ملحًا في المطالبة، أو لاجئًا إلى التقاضي والمحاكمة، ومن هؤلاء: كعب بن الأشرف، استودعه قريش دينارًا فجحده.
ثمَّ بيَّن السبب في فعلهم هذا فقال: {ذَلِكَ} المذكور من الخيانة وترك أداء الأمانة، واستحلال أموال الناس، مستحق لهم {بـ} ـسبب {أنَّهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل}؛ أي: بسبب أنهم يقولون: ليس علينا فيما أخذنا من أموال المشركين من العرب سبيل؛ أي: مؤاخذة، وتبعة، وإثم عند الله تعالى؛ لأن أموال العرب حلال لنا؛ لأنهم ليسوا على ديننا، ولا حرمة لهم في كتابنا، وكانوا يستحلون ظلم من خالفهم في دينهم، أو المعنى: ليس علينا فيما أصبنا