الْمُؤْمِنِينَ} أي: ناصرهم وحافظهم ومكرمهم، فهو يتولى أمورهم بالنصرة والتأييد، والتوفيق والتسديد، ويصلح شؤونهم، ويثيبهم بحسب تأثير الإِسلام في قلوبهم، ويجازيهم بالحسنى.
ونبَّه على الوصف الذي يكون به الله وليًّا لعباده، وهو الإيمان فقال: {وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} ولم يقل: وليهم، وهذا وعد لهم بالنصر في الدنيا، وبالفوز بالآخرة، وهذا كما قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}.
وقرىء شاذًّا (?): {وهذا النبي} - بالنصب - عطفًا على الهاء في: {اتَّبَعُوُه}، فيكون مُتَّبْعًا لا مُتَّبِعًا؛ أي: أحق الناس بإبراهيم من اتبعه هو، ومحمدًا - صلى الله عليه وسلم -، ويكون {وَالَّذِينَ آمَنُوا} عطف على خبر {إنَّ} فهو في موضع رفع، وقرىء: {وهذا النبيِّ} بالجر، ووُجِّه على أنه عطف على إبراهيم؛ أي: إنَّ أولى الناس بإبراهيم، وبهذا النبي للذين اتبعوا إبراهيم. قالوا: والنبي بدل من {هذا}، أو نعت، أو عطف بيان منه.
69 - ولما دعت اليهود معاذ بن جبل، وحذيفة بن اليمان، وعمار بن ياسر من دين الإِسلام إلى دين اليهودية .. نزلت هذه الآية: {وَدَّت}؛ أي: أحبَّت وتمنَّت {طَائِفَةٌ}؛ أي: جماعة {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} وهم أحبارهم ورؤساؤهم كعب بن الأشرف وأصحابه {لَوْ يُضِلُّونَكُمْ}؛ أي: وَدَّوا أن يضلوكم عن دينكم الإِسلام ويوقعوكم في الضلال بإلقاء الشبهات التي تشككم في دينكم، وتردكم إلى ما كنتم عليه أولًا من الكفر. {و} الحال أنهم {ما يضلون} عن دين الإِسلام {إِلَّا أَنْفُسَهُمْ}، أو أمثالهم، وما يعودُ وبالُ الإضلال إلا عليهم؛ لأن العذاب يضاعف لهم بضلالهم وإضلالهم، فالمؤمنون لا يقبلون قولهم، فيحصل عليهم الإثم بتمنيهم إضلال المؤمنين، وهم صاروا خائبين عن مرادهم؛ حيث اعتقدوا شيئًا، وظهر لهم أن الأمر بخلاف ما قصدوه. {وَمَا يَشْعُرُونَ}؛ أي: ما يعلمون أن هذا التمني يضرهم ولا يضر المؤمنين؛ لأن العذاب يضاعف لهم بسبب ضلالهم،