التي توارثوها عن أسلافهم الغابرين، ووجدوا عليها آباءهم من قبل، كما حكى الله - تعالى - عنهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ}.
أسباب النزول
قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ ...} قيل (?): نزلت هذه الآية في شأن نصارى نجران كما قاله ابن عباس، وقيل: نزلت في شأن الفريقين اليهود والنصارى، وذلك أنه لما قَدِم وفد نجران المدينة، والتقوا مع اليهود .. اختصموا في دين إبراهيم، فزعمت النصارى أنه كان نصرانيًّا، وأنهم على دينه، وأولى الناس به، وقالت اليهود: بل كان يهوديًّا، ونحن على دينه، وأولى الناس به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كلا الفريقين بريء من إبراهيم ودينه، بل كان إبراهيم حنيفًا مسلمًا، وأنا على دينه، فاتبعوا دينه الإِسلام"، فقالت اليهود: يا محمَّد، ما تريد إلا أن نتخذك ربًّا كما اتخذت النصارى عيسى، وقالت النصارى: يا محمَّد، ما تريد إلا أن نقول فيك كما قالت اليهود في عزير، فأنزل الله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ...}.
قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ ..} الآية (?)، روى ابن إسحاق بسنده المتصل إلى ابن عباس قال: اجتمعت نصارى نجران، وأحبار اليهود عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتنازعوا عنده، فقالت الأحبار: ما كان إبراهيم إلا يهوديًّا، وقالت النصارى: ما كان إبراهيم إلا نصرانيًّا، فأنزل الله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ}. الآية أخرجه البيهقي في "الدلائل".
قوله: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ...} الآية، روى ابن إسحاق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عبد الله بن الصيف، وعدي بن زيد، والحارث بن عوف بعضهم لبعض: تعالوا نؤمن بما أنزل على محمَّد وأصحابه غدوة، ونكفر به عشية، حتى نلبس عليهم دينهم، لعلهم يصنعون كما نصنع،