شئت قلت: لما كان الأصل: تعاليوا .. تحرك حرف العلة، وانفتح ما قبله - وهو الياء -، فقلبت ألفًا، فالتقى ساكنان، فحذف أولهما - وهو الألف - وبقيت الفتحة دالة عليها.

والفرق بين هذا وبين الوجه الأول: أن الألف في الوجه الأول حذفت لأجل الأمر، وإن لم يتصل به وأو ضمير، وفي هذا حُذفت لالتقائها ساكنة مع واو الضمير، وكذلك إذا أمرت الواحدة .. تقولُ لها: تعالي، فهذه الياء هي ياء الفاعلة من جملة الضمائر، والتصريف فيه كما تقدم في أمر جماعة المذكور، فتأتي هنا الوجوه الثلاثة، فيقال: حذفت الألف لالتقائها ساكنة مع ياء المخاطبة، وبقيت الفتحة دالة عليها، أو يقال: استثقلت الكسرة على الياء التي هي من أصل الكلمة، فحذفت، فالتقى ساكنان، وهما الياءَان فحذفت الأولى، أو يقال: تحركت الياء الأولى وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفًا، ثم حذفت لالتقاء الساكنين، وأما إذا أمرت المثنى .. فإن الياء تثبت فتقول: يا زيدان تعاليا، ويا هندان تعاليا أيضًا؛ يستوي فيه المذكران والمؤنثان، وكذلك أمر جماعة الإناث، تثبت فيه الياء فتقول: يا نسوة تعالَين، قال تعالى: {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ}؛ إذ لا مقتضى للحذف، ولا للقلب، وهو ظاهر بما تمهد من القواعد الصرفية.

وقرأ الحسن شاذًا: {تعالُوا} بضم اللام، والذي يظهر في توجيه هذه القراءة أنهم تناسوا الحرف المحذوف، حتى كأنهم توهموا أن الكلمة بُنيت على ذلك، وأن اللام هي الآخر في الحقيقة، فلذلك عوملت معاملة الآخر حقيقة، فضمت قبل واو الضمير، وكسرت قبل يائه. وتعال: فعل أمر صريح، وليس باسم فعل؛ لاتصال الضمائر البارزة المرفوعة به.

{ثُمَّ نَبْتَهِلْ}: والابتهال: افتعال من البهلة - بفتح الباء وضمها - وهي: اللعنة، هذا أصله، ثم استعمل في كل دعاء مجتهد فيه، وإن لم يكن التعانًا، وفي "القاموس": والبهل: اللعن، والترك، والاجتهاد في الدعاء، وإخلاصه، وفي "المصباح": بهله بهلًا من باب نفع إذا لعنه، واسم الفاعل باهل، والأنثى: باهله، وبها سميت قبيلة، والاسم البُهْلة بالضم وزان: الغرفة، وباهله مباهلةً من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015