والإجادة إلى حيز الإرباء، والزيادة. هذا رسول الله صلّى الله عليه وسلم مع ما أوتي من جوامع الكلم، واختصّ به من غرائب الحكم، إذا تأملت قوله صلّى الله عليه وسلم في صفة الجنان، وإن كان في نهاية الإحسان، وجدته منحطّا عن رتبة القرآن، وذلك في قوله عليه السلام: «فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» فأين ذلك من قوله عزّ وجل: {وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} وقوله: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}. هذا أعدل وزنا، وأحسن تركيبا، وأعذب لفظا، وأقلّ حروفا، على أنه لا يعتبر إلّا في مقدار سورة، أو أطول آية؛ لأنّ الكلام كلّما طال اتسع فيه مجال المتصرّف، وضاق المقال على القاصر المتكلّف، وبهذا قامت الحجة على العرب، إذ كانوا أرباب الفصاحة، ومظنة المعارضة، كما قامت الحجة في معجزة عيسى عليه السلام على الأطباء، ومعجزة موسى عليه السلام على السحرة، فإنّ الله سبحانه؛ إنّما جعل معجزات الأنبياء عليهم السلام بالوجه الشهير، أبرع ما يكون في زمان النبيّ، الذي أراد إظهاره، فكان السحر في زمان موسى عليه السلام قد انتهى إلى غايته، وكذلك الطبّ في زمان عيسى عليه السّلام، والفصاحة في زمان محمد صلّى الله عليه وسلم.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، ومنه نرتجي قبول المتاب، عن كل ما وقع في السّطور، والكتاب، والحمد لله على ما حبانا، والشكر له على ما أولانا، وأسأله أن يديم نفعه بين عباده، ويردّ عنه جدل منكره، وجاحده،