مدنية، ومما يدل (?) على ذلك أن صدرها إلى ثلاث وثمانين آية نزلت في وفد نصارى نجران، وكان قدومهم في سنة تسع من الهجرة، كما سيأتي بيان ذلك عند تفسير آية المباهلة منها.
وآياتها: مئتان باتفاق العادِّين. وكلماتها: ثلاث آلاف وأربع مئة وستون كلمة. وحروفها: أربعة عشر ألفًا وخمس مئة وخمس وعشرون حرفًا.
المناسبة: ومناسبة (?) هذه السورة لما قبلها واضحة؛ لأنه لما ذكر آخر البقرة: {أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} .. ناسب أن يذكر نصره تعالى على الكافرين؛ حيث ناظرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وردَّ عليهم بالبراهين الساطعة والحجج القاطعة، فقص تعالى أحوالهم، وردَّ عليهم في اعتقادهم، وذكر تنزيهه تعالى عما يقولون، وبداءةَ خلق مريم وابنها المسيح إلى آخر ما ردَّ عليهم.
ولما كان مفتتح آية آخر البقرة: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} فكان في ذلك الإيمان بالله وبالكتب .. ناسب ذكر أوصاف الله تعالى، وذكر ما أنزل على رسوله، وذكر المنزل على غيره صلوات الله وسلامه على نبينا وعليهم.
وذكر المراغي (?) في وجه مناسبة هذه السورة للسورة التي قبلها خمسة أوجه:
الأول منها: أن كلًّا منهما بدىء بذكر الكتاب وحال الناس في الاهتداء، فقد ذكر في الأولى من آمن به ومن لم يؤمن به والمذبذبين بين ذلك، وفي الثانية