إشارة حسنة، كأنه قيل: ما أنزلناه كاف، وما فرَّطنا في الكتاب من شيء فلا تطلب بعده شيئًا، بل اقتصر على العمل له واستعذ بالله من الشيطان والحاسد؛ لأن العبد إذا تمت نعمة الله عليه كثرت حساده إنسًا وجنًا، قال بعضهم: وفي بدء القرآن: بسم الله وختمه بالناس إشارة إلى أن الإنسان آخر المراتب الكونية؛ وذلك لأن ابتداء المراتب الكونية هو العقل الأول، وانتهاؤها هو الإنسان اهـ بتصرف.

قيل: عدد (?) حروف هذه السورة غير المكرر: ثلاث وعشرون حرفًا، وكذلك عدد الفاتحة بعدد السنين التي أُنزل فيها القرآن، وهو سر بديع، وأول القرآن باء البسملة، وآخره سين والناس، كأنه قيل: بس؛ أي: تم وكمل، أو حسب؛ أي: حسبك من الكونين ما أعطيناك بين الحرفين، وفي أسئلة (?) عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - أخبرني يا محمد ما ابتداء القرآن وما ختمه؟ قال: "ابتداؤه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وختمه: صدق الله العظيم"، قال: صدقت، وفي "خريدة العجائب" يعني: ينبغي أن يقول القارىء ذلك عند الختم، وإلا فختم القرآن سورة الناس، وفي "قوت القلوب" للشيخ أبي طالب المكي - رحمه الله تعالى -: وليجعل العبد مفتاح درسه أن يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، رب أعوذ بك من همزات الشياطين، وأعوذ بك رب أن يحضرون، وليقرأ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) ...} وسورة {الْحَمْدُ لِلَّهِ}، وليقل عند فراغه من كل سورة صدق الله تعالى، وبلَّغ رسوله - صلى الله عليه وسلم -، اللهم انفعنا وبارك لنا فيه الحمد لله رب العالمين، واستغفر الله الحي القيوم.

الإعراب

{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)}.

{قُلْ}: فعل أمر، وفاعل مستتر تقديره: أنت يعود على محمد - صلى الله عليه وسلم -، والجملة مستأنفة. {أَعُوذُ}: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر تقديره: أنا يعود على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015