والأرحام عن الأولاد، والبيض عن الفرخ، والقلوب عن المعارف، وكأنه تعالى قال: قل أعوذ برب جميع الممكنات وبمكوِّن المحدَثات، فيكون التعظيم فيه اْعظم، ويكون الصبح وجُبُّ النار وغيرهما أحد الأمور الداخلة في هذا المعنى انتهى. والقول (?) الأول أولى؛ لأن المعنى وإن كان أعم منه وأوسع مما تضمنه، لكنه المتبادر عند الإطلاق، وقد قيل في وجه تخصيص الفلق الإيماء إلى أن القادر على إزالة هذه الظلمات الشديدة من كل هذا العالم يقدر أيضًا أن يدفع عن العائذ كل ما يخافه ويخشاه، وقيل: طلوع الصبح كالمثال لمجيء الفرج، فكما أن الإنسان في الليل يكون منتظرًا لطلوع الصباح، كذلك الخائف يكون مترقبًا لطلوع صباح النجاح، وقيل غير هذا مما هو مجرد بيان مناسبة ليس فيها كثير فائدة تتعلق بالتفسير.
وفي تعليق (?) العياذ باسم الرب المضاف إلى الفلق المنبىء عن النور عقيب الظلمة والسعة بعد الضيق والفتق بعد الرتق عِدَة كريمة بإعاذة العائذ مما يعوذ منه وإنجائه منه وتقوية لرجائه بتذكير بعض نظائره، ومزيد ترغيب له في الجد، والاعتناء بقرع باب الالتجاء إليه والإعاذة بربه.
قالوا: إذا طلع الصبح تتبدل الثقلة بالخفة والغم بالسرور، روي أن يوسف عليه السلام لما ألقي في الجب وجعت ركبته وجعًا شديدًا، فبات ليلته ساهرًا، فلما قرب طلوع الصبح نزل جبريل بإذن الله تعالى يسأله ويأمره بأن يدعو ربه، فقال: يا جبريل أدع أنت وأؤمن، فدعا جبريل وأمَّن يوسف عليهما السلام، فكشف الله تعالى ما كان به من الضر، فلما طاب وقت يوسف قال: يا جبريل وأنا أدعو أيضًا وتؤمِّن أنت، فسأل يوسف ربه أن يكشف الضر عن جميع أهل البلاء في ذلك الوقت، فلا جَرَم ما من مريض إلا ويجد نوع خفة في آخر الليل.
2 - {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)} أي: من شر وضرر ما خلقه من الثقلين وغيرهما كائنًا ما كان من ذوات الطبائع والاختيار من إنس وجن وسباع وهوام، فيشمل جميع الشرور والمضار بدنية كانت أو غيرها من ضرب وقتل وشتم وعض ولدغ وسحر ونحوها.