بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)}.
أسباب النزول
سبب نزول المعوذتين: ما روي من قصة سحر لبيد بن الأعصم اليهودي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال ابن عباس وعائشة: كان غلام من اليهود يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدبت إليه اليهود، فلم يزالوا به حتى أخذ من مشاطة رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعدة من أسنان مشطه، فأعطاها اليهود فسحروه فيها، وتولى ذلك لبيد بن الأعصم رجل من اليهود، فنزلت السورتان فيه.
فإن قلت: كيف يؤثر السحر فيه - صلى الله عليه وسلم - مع أنه معصوم بنص {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}؟
أجيب: بأن المعصوم منه ما أدى إلى خبل في عقله أو إلى ضياع شرعه أو إلى موته، وأما ما عدا ذلك فهو من الأعراض البشرية الجائزة في حقه، كما أن جرحه وكسر رباعيته لا يقدح في عصمته.
وأخرج الشيخان عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: سُحِر حتى كان يخيل إليه أنه يصنع الشيء ولم يصنع، وفي رواية أنه يخيل إليه فعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم وهو عندي دعا الله ودعاه، ثم قال: "أشعَرْتِ يا عائشة أن الله قد أفتاني فيما استفتيته"؟ قلت: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: "جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، ثم قال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب، قال: ومَن طَبَّهُ؟ قال: لبيد بن الأعصم اليهودي من بني زريق، قال: فيم ذا؟ قال: في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر، قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذروان"، ومن الرواة من قال: في بئر زريق، فذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - في أناس من أصحابه إلى البئر فنظر إليها وعليها نخل، ثم رجع إلى عائشة، فقال: "والله لكأن ماءها نقاعة الحناء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين" قلت: يا رسول الله