الحطب، فقال:
مَاذَا أَرَدْتَ إِلى شَتْمِيْ وَمَنْقَصَتِيْ ... أَمْ مَا تُعَيِّرُ مِنْ حَمالَةِ الْحَطَبِ
غَرَّاءُ شَادِخَةٌ فِي الْمَجْدِ سَامِيَةٌ ... كَانَتْ سَلَيْلَةَ شَيْخٍ ثَاقِبِ الْحَسَبِ
ولما كانت هذه المجرمة تسمي النبي - صلى الله عليه وسلم - هي وبعض أعدائه من الكفار مذمَّمًا .. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صرف الله سبحانه عني، إنهم يسموني مذممًا وأنا محمد، وروي عن أبي عبد الله الحسين - رضي الله عنه - قال: إذا قرأتم {تَبَّتْ} فادعوا على أبي لهب، فإنه كان من المكذبين بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبما جاء به من عند الله والحكمة ما خص الله أبا لهب بهذه السورة من الكتاب العزيز ولو كان ذكره لمجرد عداوته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لذكر غيره كذلك من خصوم النبي وأعدائه الألداء أمثال عقبة بن أبي معيط والعاص بن وائل وغيرهم من أكابر الأعداء وأئمة الكفر والضلال، ممن كنى عنهم الله سبحانه أحيانًا بأوصافهم، ولم يذكرهم بأسمائهم.
وإنما خص أبا لهب بالذكر في سورة مستقلة والتصريح باسمه الكنية؛ لأنه اشتهر بالتكذيب والعداوة، وتعقب النبي - صلى الله عليه وسلم - في حركاته وسكناته، ليحبط مساعيه ويصد الناس عن الإقبال على دعوته ورسالة ربه، حتى أصبح خطرًا على الإِسلام، وهو عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والناس أكثر تسمُّعًا منه من تسمُّعهم من غيره، لذا ضربه الله سبحانه هذه الضربة القاصمة؛ ليجعله عبرة ومثلًا للصاد عن الحق والمنفرة للناس عن دين الله، وفهم ما أنزل على نبيه من الهدى والرشاد، وكل شخص من الناس صنع صنيع أبي لهب، فهو أبو لهب، بل وأشد من أبي لهب؛ إذ أن أبا لهب عم رسول الله وصاحب الغنى والنسب لم يغن عنه ذلك شيئًا، ومن سار سيرته فأولئك هم أبناء لهب، لا تغن عنهم أموالهم ولا أعمالهم شيئًا، وسيُصْلَون ما يصلى أبو لهب من نار ذات لهب، وكل امرأة تنم بين الناس لتفرق كلمتهم وتذهب بهم مذاهب السوء، وتصد عن سبيل الله، وتحارب دعوة الله ودين الله، فهي ممثلة في هذا المثل نازل بها ذلك النكال، وستحشر في نار ذات لهب لا يغني عنها مال ولا نسب.
وآيات القرآن كلها عبر وعظات وبراهين ساطعات على عظمة هذا القرآن، وعلى خلود هذه الشريعة الغراء التي ساوت بين الناس، ولم تجعل التفاضل بينهم