الطاعون تقتل غالبًا، فاجتنبه أهله مخافة العدوى، وكانت قريش تتقيها كالطاعون، فبقي ثلاثًا حتى أنتن، ثم استأجروا بعض السودان واحتملوه ودفنوه، فكان الأمر كما أخبر به القرآن الكريم.
وفي "إنسان العيون": لم يحفروا له حفيرة، ولكن أسندوه إلى حائط وقذفوا عليه الحجارة خلف الحائط حتى واروه، وفي رواية: حفروا له، ثم دفعوه بعود في حفرته، وقذفوه بالحجارة من بعيد حتى واروه، وقولنا: عُتَيبة - بالتصغير -، وأما عُتبة - مكبَّرًا - ومعتب فقد أسلما، قال بعضهم في أولاد أبي لهب:
كَرِهْتُ عُتَيْبَةَ إِذْ أَجْرَمَا ... وَأَحْبَبْتُ عُتْبَةَ إِذْ أَسْلَمَا
كَذَا مُعْتِبُ مُسْلِمٌ فَاحْتَرِزْ ... وَخَفْ أَنْ تَسُبَّ فَتًى مُسْلِمَا
وعن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت إذا مرت بموضعه ذلك غطت وجهها، والقبر الذي يُرجم خارج باب الشبيكة الآن ليس بقبر أبي لهب، وإنما هو قبر رجلين لطخا الكعبة بالعذرة، وذلك في دولة بني العباس، فإن الناس أصبحوا يومًا، فوجدوا الكعبة ملطخة بالعذرة، فرصدوا للفاعل، فأمسكوهما بعد أيام فصلبا في ذلك الموضع فصارا يُرجمان إلى الآن، هذا وما ذُكر من العذاب مآل أمره في النشأة الأولى وفي النشأة الآخرة،
3 - {سَيَصْلَى}؛ أي: سيدخل لا محالة {نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ}؛ أي: نارًا عظيمة ذات اشتعال وتوقد، وهي نار جهنم؛ أي: سيذوق حر النار ويعذب بلظاها وليس هذا نصًا في أنه لا يؤمن أبدًا حتى يلزم من تكليفه الإيمان بالقرآن أن يكون مكلفًا بأن يؤمن بأنه لا يؤمن أبدًا، فيكون مأمورًا بالجمع بين النقيضين، كما هو المشهور، فإن صَلْيَ النار غير مختص بالكفار، فيجوز أن يفهم أبو لهب من هذا أن دخوله النار لفسقه ومعاصيه، لا لكفره، فلا اضطرار إلى الجواب المشهور من أن ما كلفه هو الإيمان بجميع ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - إجمالًا، لا الإيمان بتفاصيل ما نطق به القرآن، حتى يلزم أن يكلف الإيمان بعدم إيمانه المستمر.
وقرأ الجمهور (?): {سَيَصْلَى} - بفتح الياء وإسكان الصاد وبتخفيف اللام -؛