من يمنع وقوعها على أولي العلم، كما تقدم.
البلاغة
وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: خطابهم بهذا الوصف الشنيع الرذيل في محل عزهم وشوكتهم في قوله: {أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} إيذانًا بأنه - صلى الله عليه وسلم - محروس منهم.
ومنها: التعبير فيه بالجمع الصحيح في من أوزان جمع القلة دلالة على قلتهم أو حقارتهم وذلتهم، وهم كفرة مخصوصة معينون، كما مر.
ومنها: طباق السلب في قوله: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}، فالأولى نفي، والثانية إثبات.
ومنها: المقابلة بين كل من الجملتين الأوليين: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2)} {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3)}؛ أي: في الحال، والمقابلة بين الجملتين الأخريين: {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4)} {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3)}؛ أي: في الاستقبال، وفي هذه المقابلة نفي لعبادة الأصنام في الحال والاستقبال، وهو من المحسنات البديعية.
ومنها: توافق الفواصل في الحرف الأخير مثل {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2)}.
ومنها: تقديم المسند على المسند إليه في قوله: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)} إفادةً للقصر، ويكون القصر فيه قصر إفراد؛ لإفادته قصر كل من الفريقين بعبادة إلهه.
ومنها: التكرير في هذه السورة؛ لإفادة التأكيد عند من يقول به.
ومنها: إيثار {مَا} في قوله: {مَا أَعْبُدُ} على من إشعارًا بأن المراد منها الوصف، كأنه قيل: ولا أنتم عابدون ما أعبد من المعبود العظيم الشأن الذي لا يقادر قدر عظمته.