التفسير وأوجه القراءة
1 - {إِنَّا}: و {إن} (?): جار مجرى القسم في تأكيد الجملة. {أَعْطَيْنَاكَ} يا محمد، عبر بصيغة الماضي مع أن العطايا الأخروية وأكثر ما يكون في الدنيا لم تحصل بعد إشعارًا بتحقق وقوعها.
وقرأ الجمهور (?): {أَعْطَيْنَاكَ} بالعين، وقرأ الحسن وطلحة وابن محيصن والزعفراني: {أنطيناك} بالنون، وهي قراءة مروية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال الترمذي: هي لغة للعرب العاربة من أولي قريش، ومن كلامه - صلى الله عليه وسلم -: "اليد العليا المُنطِية، واليد السفلى المُنطاة" ومن كلامه - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: "وانْطوا المنيحة"، وقال الأعمش:
جِيَادُكَ خَيْرُ جِيَادِ الْمُلُوْكْ ... تُصَانُ الْحَلَالَ وَتُنْطِيْ السَّعِيْرَا
قال أبو الفضل الرازي وأبو زكريا التبريزي: أبدل من العين نونًا، {الْكَوْثَرَ}؛ أي: الخير المفرِط في الكثرة من العلم والعمل وشرف الدارين، والكوثر (?) فوعل من الكثرة، وُصِف به للمبالغة في الكثرة، مثل النوفل من النفل، والجوهر من الجهر، والعرب تسمي كل شيء كثير في العدد أو القدر أو الخطر كوثرًا، ومنه قول الشاعر:
وَقَدْ ثَارَ نَقْعُ المَوْتِ حَتَّى تَكَوْثَرَا
قيل لأعرابية آب ابنها من السفر: بم آب ابنك؟ قالت: بكوثر؛ أي: بالعدد الكثير من الخير، فالمعنى على هذا (?): إنا أعطيناك يا محمد الخير الكثير البالغ في الكثرة إلى الغاية.
وذكر أكثر المفسرين كما حكاه الواحدي: إلى أن {الْكَوْثَرَ}. نهر في الجنة، وقيل: هو حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - في الموقف، قاله عطاء، وقال عكرمة: {الْكَوْثَرَ}: النبوة، وقال الحسن: {الْكَوْثَرَ}: القرآن، وقال الحسن بن الفضل: هو تفسير القرآن وتخفيف الشرائع، وقال أبو بكر بن عياش: هو كثرة الأصحاب والأمة،