[1]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)}.

التفسير وأوجه القراءة

1 - و {اللام} في قوله: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1)} متعلقة (?) بقوله تعالى في آخر السورة: {فَلْيَعْبُدُوا} وهو قول الزجاج، أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم رحلتين، ودخلت {الفاء}؛ لما في الكلام من معنى الشرط؛ إذ المعنى: إن نعم الله عليهم غير محصورة، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لهذه النعمة الجليلة التي هي إيلافهم الرحلتين، فإنها أظهر نعمة عليهم؛ أي: فليعبدوا رب هذا البيت لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف؛ أي: ليجعلوا عبادتهم شكرًا لهذه النعمة، فالإيلاف مصدر مضاف إلى مفعوله الأول مطلقًا عن المفعول الثاني الذي هو الرحلة كما قيد به في الإيلاف الثاني، والمعنى (?): لتأليف الله لهم؛ أي: لتحبيبه لهم الرحلتين؛ أي: لجعلهم آلفين ومحبين لهما مسترزقين بهما؛ لتيسيرهما عليهم فليعبدوه شكرًا له.

وقيل (?): متعلقة بآخر السورة التي قبلها، كأنها قال سبحانه: أهلكت أصحاب الفيل؛ لأجل إيلاف قريش هاتين الرحلتين ولزومهم إياهما؛ أي: أهلكت من قصدهم من الحبشة؛ لأجل أن يألفوا هاتين الرحلتين ويجمعوا بينهما، ويلزموا إياهما ويثبتوا عليهما متصلًا لا منقطعًا، بحيث إذ فرغوا من هذه أخذوا في هذه وبالعكس، وذلك لأن الناس إذا تسامعوا بذلك الإهلاك تهيبوا لهم زيادة تهيب واحترموهم فضل احترام، فلا يجترىء عليهم أحد فينتظم لهم الأمن في رحلتيهم، وكان لقريش رحلتان يرحلون في الشتاء إلى اليمن، وفي الصيف إلى الشام، فيمتارون ويتجرون، وكانوا في رحلتيهم آمنين؛ لأنهم أهل حرم الله تعالى وولاة بيته العزيز، فلا يتعرض لهم، والناس حولهم بين متخطف ومنهوب، وذلك أن قريشًا إذا أصاب واحدًا منهم مخمصة خرج هو وعياله إلى موضع، وضربوا على أنفسهم خباء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015