طلوعًا إذا ظهر، وهذا مطلَع الشمس - بالفتح - على القياس، ومطلع القمر - بالكسر - على الشذوذ؛ أي: مكان طلوعهما من زمانه. انتهى.
و {الْفَجْرِ} الضوء المنتشر في أفق السماء عرضًا عند قرب طلوع الشمس، والفجر إذا أطلق انصرف إلى الفجر الصادق؛ لأنه هو الذي يتعلق به الأحكام الشرعية.
البلاغة
وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الإتيان بـ {ـإن} المكسورة في قوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}؛ لتأكيد الحكم والرد على المنكِر أو الشاك والمخاطبون فيهم ذلك، فقد قالوا: من تلقاء نفسه، وقالوا: أساطير الأولين، وقالوا: تنزلت به الشياطين، فرد على جميع ذلك بذكر الإنزال، لا أنه مختلق ولا من أساطير الأولين.
فإن قلت: إن المؤمنين يصدقون خبر المولى بلا توكيد، والكافرون يعاندون ولو تعدد التأكيد .. أجيب عنه بجوابين:
الأول: يمنع أن الكافرين يعاندون مع التأكيد، فإن عاداتهم الانقياد للتأكيدات، فربما حصل لهم هداية بسبب ذلك التأكيد.
الثاني: على تسليم أنهم يعاندون مع التأكيد، فلا نسلم حصر معنى إن في التأكيد، بل قد يؤتى بها ترغيبًا في تلقي الخير والتنبيه بعظيم قدره وشرف حكمه.
ومنها: الإتيان بضمير المتكلم المعظِّم نفسَه وهو الله تعالى إشعارًا بتعظيم المنزل والمنزل به، ويحتمل أنها للمتكلم ومعه غيره، فإن الله سبحانه أنزله، والملائكة لهم مدخلية في إنزاله، والمعنى: إنا وملائكة قدمنا أنزلناه على حد قوله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ}، والإسناد لله حقيقة إجماعًا، وللملائكة قيل كذلك، وقيل: مجاز، وعليه فلا مانع من الجمع بين الحقيقة والمجاز، يقال: بني الأميرُ وعَمَلَتُهُ المدينةَ، ولا يعترض بالجمع بين القديم والحادث في ضميره فإنه حاصل في ضمير {يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} ونحوه، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - للخطيب: "بئس الخطيب" لما