بكر: وذكر هذا الإنسان: أنّ أبيّ بن كعب هو الذي قرأ: (كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ وما كان الله ليهلكها إلّا بذنوب أهلها) وذلك باطل؛ لأنّ عبد الله بن كثير قرأ على مجاهد، ومجاهد قرأ على ابن عباس، وابن عباس قرأ القرآن على أبيّ بن كعب {حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ} في رواية، وقرأ أبيّ القرآن على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد متّصل بالرسول صلّى الله عليه وسلم، نقله أهل العدالة، والصيانة، وإذا صح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمر، لم يؤخذ بحديث يخالفه. وقال يحيى بن المبارك: قرأت القرآن على أبي عمرو بن العلاء، وقرأ أبو عمرو على مجاهد، وقرأ مجاهد على ابن عباس، وقرأ ابن عباس على أبيّ بن كعب، وقرأ أبيّ بن كعب على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وليس فيها، (وما كان الله ليهلكها إلّا بذنوب أهلها) فمن جحد أنّ هذه الزيادة أنزلها الله تعالى على نبيّه صلّى الله عليه وسلم، فليس بكافر، ولا آثم. ومثل هذه الزيادة: ما رووا عن ابن عباس أنّه قرأ: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ في مواسم الحج). وما حكوه عن عمر بن الخطاب أنّه قرأ: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، وغير الضالين) فهذه الزيادات، ونظائرها، لو جحدها جاحد، أنّها من القرآن لم يكن كافرا. والقرآن الذي جمعه عثمان بموافقة الصحابة له، لو أنكر بعضه منكر كان كافرا، حكمه حكم المرتد، يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه.
وقال أبو عبيد: لم يزل صنيع عثمان - رضي الله عنه - في جمعه القرآن يعتدّ له؛ بأنه من مناقبه العظام. وقد طعن عليه فيه