[18]

الله تعالى، لا أن يُهلك مالًا لبدًا في الرياء والفخار، فيكون مثله كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم، وفي ذكر العقبة إشارة إلى أن عقبة الآخرة لا يجوزها إلا من كان محقًا، أو يكون المعنى: ثم كان في عاقبة أمره من الذين وافوا الموت على الإيمان؛ إذ الموافاة عليه شرط في الانتفاع بالطاعات، والمعنى: أي: ثم كان مع اقتحامه العقبة من الذين صدقوا في إيمانهم {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} عطف على {آمَنُوا}؛ أي: أوصى بعضهم بعضًا بالصبر على طاعة الله وعن المعاصي وفي المصائب والبلايا إذا أصابتهم {وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ}: مصدر (?) ميمي بمعنى الرحمة؛ أي: أوصى بعضهم بعضًا بالرحمة على عباد الله، أو بموجبات رحمته تعالى من الخيرات على حذف المضاف، أو على ذكر المسبب وإرادة السبب تنبيهًا على كماله في السببية، والرحمة بهذا المعنى أعم من الرحمة بالمعنى الأول؛ وهي الشفقة لمن يستحقها من العباد يتيمًا أو فقيرًا، أو نحو ذلك، وفي الحديث: "لا يرحم الله من لا يرحم الناس".

واعلم (?): أنه إنما اشترط الإيمان مع فعل هذه المَبَارِّ؛ لأن من فعلها دون أن يكون مؤمنًا لم ينتفع بها، ولم يكن له ثواب عليها؛ إذ لا ينفع مع الكفر بر،

18 - ثم بيّن مآل فاعل هذه المبرات، فقال: {أُولَئِكَ} الموصوفون بالنعوت الجليلة المذكورة.

وفي اسم الإشارة (?) دلالة على حضورهم عند الله في مقام كرامته، وعلوّ رتبتهم، وبعد درجتهم {أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ}؛ أي: أصحاب اليمين الذين يُعطون كتبهم بأيمانهم، ويُسلَك بهم من طريق اليمين إلى الجنة، أو أصحاب اليمن والخير والسعادة؛ لأن الصلحاء ميامين على أنفسهم بطاعتهم وعلى غيرهم أيضًا، أو أصحاب اليد اليمنى.

والمعنى (?): أي أولئك الذين اقتحموا العقبة، ففكوا الرقاب، وأطعموا المساكين، وواسوا ذوي القربى في يوم المسغبة هم السعداء المُمَتَّعون بجنات النعيم، وهم الذين عناهم الله تعالى بقوله: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) ...} الآيات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015