أعنتك عليه بطبقتين فأطبق، وإن نازعك فرجك إلى ما حرمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فأطبق". وفي الخبر: "الفرج أمانة، والأذن أمانة، واليد أمانة، والرجل أمانة، ولا إيمان لمن لا أمانة له" قال الزجاج: والمعنى: ألم نفعل به ما يدل على أن الله قادر على أن يبعثه، والشفة محذوفة اللام، وأصلها: شفهة بدليل تصغيرها على شفيهة.
10 - وقوله: {وَهَدَيْنَاهُ}، أي: هدينا ذلك الإنسان {النَّجْدَيْنِ}؛ أي: الطريقين طريقي الخير والشر معطوف (?) على {أَلَمْ نَجْعَلْ}؛ لأنه في التقدير مثبت؛ أي: جعلنا له ذلك المذكور، وهديناه طريقي الخير والشر؛ أي: بيناهما له وأوضحناهما له بالدلائل الواضحة القاطعة، قال الزجاج: المعنى: ألم نعرفه طريق الخير وطريق الشر مبينتين كتبيين الطريقين العاليتين، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "النجدان هما الطريقان، نجد الخير ونجد الشر؛ فلا يكن نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير".
وقال عكرمة وسعيد بن المسيب والضحاك: النجدان: الثديان؛ لأنهما كالطريقين لحياة الولد ورزقه، وتمكين مولود عاجز من رضاع أمه عقيب الولادة قدرة من الله سبحانه ونعمة جلية عليه، والأول أولى. وأصل النجد (?): المكان المرتفع، وجمعه نجود، ومنه سميت نجدًا لارتفاعها عن انخفاض تهامة، فالنجدان الطريقان العاليان، ومنه قول امرىء القيس:
فَرِيْقَانِ مِنْهُمْ قَاطِعٌ بَطْنَ نَخْلَةٍ ... وآخَرُ مِنْهُمْ قَاطِعٌ نَجْدَ كَبْكَبِ
فجعل الخير بمنزلة مكان مرتفع واضح بخلاف الشر، فإنه يستلزم الانحطاط عن ذروة الفطرة إلى حضيض الشقاوة، فكان استعمال النجدين هنا بطريق التغليب، أو لأن فعل الشر بالنسبة إلى قوته في الواهمة مصور بصورة المكان المرتفع، وقال ابن الشيخ: لما وضحت الدلالة الدالة على الخير والشر .. صارتا كالطريقين المرتفعين بسبب كونهما واضحين للعقول، كوضوح الطريق العالي للأبصار.
والمعنى (?): أي وأودعنا في فطرة الإنسان التمييز بين الخير والشر، وجعلنا له