[44]

[45]

والمعنى: أي ما هذه الذكرى الدائمة لها، وما هذا الاهتمام الذي جعلك لا تألوا جهدًا في السؤال عنها. روي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يذكر الساعة ويسأل عنها حتى نزلت هذه الاية.

وتلخيص المعنى (?): لا تشغل نفسك بهذا الأمر، ولا تكلفها عناء البحث عنه، واستكناه أسراره، ومعرفة ما حجبه الله عن خلقه من شأنه.

44 - {إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44)}؛ أي: انتهاء علمها ليس لأحد منه شيء ما كائنًا من كان، فلأي شيء يسألونك عنها؛ أي: إلى ربك يا محمد ينتهي علم الساعة، فلا يعلم وقت قيامها غيره تعالى، ولم يعطه لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، وهو كقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي}، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}، فكيف يسألونك عنها ويطلبون منك، بيان وقت قيامها؟

45 - {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45)}؛ أي: وظيفتك الامتثال بما أمرت به من بيان اقترابها، وتفصيل ما فيها من فنون الأهوال، لا تعيين وقتها الذي لم يفوض إليك، فما لهم يسألونك عما ليس من وظائفك بيانه؛ أي: ما أنت إلا منذر لا يعلم وقتها، فهو من قصر الموصوف على الصفة، أو ما أنت منذر إلا من يخشاها، فهو من قصر الصفة على الموصوف.

وتخصيص {من يخشى} مع أنه مبعوث إلى من يخشى، ومن لا يخشى؛ لأنهم هم المنتفعون به؛ أي: لا يؤثر الإنذار إلا فيهم، كقوله تعالى: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيد} والجمهور على أن قوله: {مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} من إضافة الصفة إلى معمولها للتخفيف على الأصل؛ لأن الأصل في الأسماء الإضافة، والعمل فيها إنما هو بالشبه، ومن قرأها بالتنوين اعتبر أن الأصل فيها الإعمال، والإضافة فيها إنما هي للتخفيف.

وقرأ الجمهور (?): {مُنْذِرُ مَنْ} بالإضافة، وقرأ عمر بن عبد العزيز وأبو جعفر وشيبة وخالد الحذاء وابن هرمز وعيسى وطلحة وابن محيص وأبو عمرو في رواية وابن مقسم وحميد: {منذرٌ} بالتنوين. قال الفراء: والتنوين وتركه في {مُنْذِرُ} صواب، كقوله: {بَالِغُ أَمْرِهِ} وقال أبو علي الفارسي: يجوز أن تكون الإضافة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015