الواجفة هي القلقة المضطربة اضطرابًا شديدًا، والخائفة خوفًا عظيمًا، فلا تهدأ ولا تسكن لما ترى من هول يوم القيامة وعذاب الآخرة، وذلك بعد أن رأوا ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكره لهم ويحذرهم منه في الدنيا، ولكنهم أنكروا وكفروا ولم يؤمنوا به، فإذا جاء وعد الله سبحانه .. هلعت قلوبهم، وانشقت مرائرهم، واضطربت نفوسهم، وخشعت أبصارهم من هول ذلك المشهد العظيم.
قال عطاء: يريد أبصار من مات على غير الإِسلام، أما أهل الإيمان .. فقد ثبت بالدليل أنهم لا يخافون إذا خاف الناس، بل يثبتهم الله تعالى بالقول الثابت في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، ونورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم. فالويل كل الويل لأولئك المكذبين بيوم الدين،
10 - وقد حكى الله سبحانه عنهم أقوالًا ثلاثةً استبعدوا بها أمر البعث، واستهزؤوا فيها بالرسول والمؤمنين، فقال:
1 - {يَقُولُونَ} استئناف بياني؛ أي: يقول هؤلاء المكذبون بالبعث من مشركي قريش إذا قيل لهم إنكم مبعوثون من بعد الموت؛ أي: يقولون: الآن؟ منكرين له متعجبين منه {أَإِنَّا} نحن {لَمَرْدُودُونَ}؛ أي: لمعادون بعد موتنا {فِي الْحَافِرَةِ}؛ أي: إلى (?) الحافرة؛ أي: إلى حالتنا الأولى قبل الممات يعنون الحياة؛ أي: راجعون أحياءً كما كنا قبل مماتنا من قولهم: رجع فلان في حافرته؛ أي: في طريقته التي جاء فيها، فحفرها؛ أي: أثر فيها بمشيه، وتسميتها حافرة مع أنها محفورة، وإنما الحافر هو الماشي في تلك الطريقة، كقوله تعالى: {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}؛ أي منسوبة إلى الحفر والرضى أو على تشبيه القابل بالفاعل؛ أي: في تعلق الحفر والرضا بكل منهما، فأطلق اسم الثاني على الأول للمشابهة، كما يقال: صام نهاره تشبيهًا لزمان الفعل بفاعله، وقال مجاهد والخليل بن أحمد: الحافرة: هي الأرض التي يحفر فيها القبور، ولذا قال في "التأويلات النجمية": أي حافرة أجسادنا وقبور صدورنا، ومنه قول الشاعر:
آلَيْتُ لَا أَنْسَاكُمُ فَاعْلَمُوْا ... حَتَّى يُرَد النَّاسُ فِيْ الْحَافِرَةْ
والمعنى عليه: أئنا لمردودون في قبورنا أحياءً، وقال ابن زيد: الحافرة: