[29]

كِذّاب، وعلى تفعلة، مثل؛ توصية، وعلى مُفَعَّل، مثل: {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ}.

والمعنى (?): أي وكذبوا بجميع البراهين الدالة على التوحيد والنبوة والمعاد، وبجميع ما جاء في القرآن.

والخلاصة: أنهم أقدموا على جميع المنكرات، ولم يرعووا عن فعل السيئات، وأنكروا بقلوبهم الحق، واتبعوا الباطل.

وقرأ الجمهور (?): {كِذَابًا} بتشديد الذال مصمدر كذب المضعف، وهي لغة لبعض العرب يمانية يقولون، في مصدر فَعَّل: فِعَّالًا، وغيرهم يجعل مصدره على تفعيل، نحو: تكذيب، ومن تلك اللغة فول الشاعر:

لَقَدْ طَالَ ما ثَبَّطْتَنِيْ عَنْ صَحَابَتِيْ ... وَعَنْ حَاجَةٍ قِضَّاؤُهَا مِنْ شِفَائِيَا

ومن كلام أحدهم وهو يستفتي في الحج: الحلق أحب إليك أم القصار؟ يريد التقصير. وقرأ علي بن أبي طالب وعوف الأعرابي وأبو رجاء والأعمش وعيسى البصرة بخلاف عنه: كذابًا بتخفيف الذال، وذلك لغة اليمن؛ بأن يجعلوا مصدر كذب المخفف كذابًا بالتخفيف مثل؛ كتب كتابًا، فصار المصدر هنا من معنى الفعل دون لفظه، مثل أعطيته عطاء، وقال الأعشى:

فَصَدَّقْتُهَا وَكَذَّبْتُهَا ... وَالْمَرْءُ يَنْفَعُهُ كِذَابُهْ

وقال الزمخشري: وهو مثل قوله: {أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا}؛ يعني: وكذبوا بآياتنا، فكذبوا كذابًا، وقرأ عمر بن عبد العزيز: {كُذَّابا} بضم الكاف وتشديد الذال، فخرج على أنه جمع كاذب، وانتصب على الحال المؤكدة، أو على أنه مفرد صفة لمصدر محذوف؛ أي: تكذيبًا كذابًا؛ أي: مفرطًا في التكذيب.

29 - وبعد أن بين فساد أحوالهم العملية والاعتقادية .. أرشد إلى أنها في مقدارها وكيفيتها معلومة له تعالى، لا يغيب عنه شيء منها، فقال: {وَكُلَّ شَيْءٍ}؛ أي: وأحصينا كل شيء من الأشياء التي من جملتها أعمالهم، فانتصابه على الاشتغال بفعل محذوف وجوبًا يفسره قوله: {أَحْصَيْنَاهُ} أي: حفظناه وضبطناه. قرأ الجمهور (?): {وَكُلَّ شَيْءٍ}،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015