انتهى من "روح البيان"، والحديث المذكور إن كان له أصل صحيح فمقبول، وإلا فلا.
وقد جعل الله سبحانه في هذه الكواكب سر الحياة (?)، فالحرارة والضوء يطردان الأمراض، وينعشان كل حي، ولا أدل على هذا مما نشاهد من فتك الأمراض بمن يكون بمنأى عن ضوئها وحرارتها، والجراثيم لا تتوالد إلا حيث يحتجب عنها السكان، ويبتعد عنها المكان.
9 - 14 {وَأَنْزَلْنَا} النون (?) للعظمة وللإشارة إلى جمعية الذات، والأسماء والصفات. {مِنَ الْمُعْصِرَاتِ}، أي: من السحائب التي انعصرت واستدرت بالرياح، أي: شارفت أن تعصرها الرياح وتدرها فتمطر ولم تعصرها بعد، فالإنزال من المستعد لا من الواقع، وإلا فيلزم تحصيل الحاصل وهمزة أعصر للحينونة، و {الْمُعْصِرَاتِ} اسم فاعل، يقال: أعصر الزرع: إذا حان له أن يحصد، وأعصرت الجارية؛ أي: حان لها أن تعصر الطبيعة رحمها فتحيض، وفي "المفردات": المعصر: بكسر الصاد المرأة التي حاضت ودخلت في عصر شبابها. انتهى. ولو لم تكن للحينونة .. لكان ينبغي أن يقرأ {المعصَرات} بفتح الصاد، على أنه اسم مفعول؛ لأن الرياح تعصرها، ويجوز أن يكون المراد من {الْمُعْصِرَاتِ}: الرياح التي حان لها أن تعصر السحاب فتمطر، فهي أيضًا اسم فاعل، والهمزة للحينونة كذلك.
فإن قيل: لِمَ لم تجعل الهمزة للتعدية؟ قلنا: لأن الرياح عاصرة لا معصرة.
{مَاءً ثَجَّاجًا} أي: ماءً منصبًا بكثرة، والمراد: تتابع القطر حتى يكثر الماء فيعظم النفع به، يقال: ثج الماء؛ أي: سال بكثرة وانصب، وثجه غيره؛ أي: أساله وصبه فهو لازم ومتعد، ومن الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الحج العج والثج" أي: رفع الصوت بالتلبية، وصب دماء الهدي.
ولا معارضة بين ما هنا، وبين قوله تعالى: {وَأَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}، فإن ابتداء المطر إن كان من السماء يكون الإنزال منها إلى السحاب، ومنه إلى الأرض، وإلا فإنزاله منها باعتبار تكونه بأسباب سماوية من جملتها حرارة الشمس، فإنها تثير