يوم القيامة .. أردفه بذكر ما يكون للمؤمنين من السعادة والكرامة حينئذٍ، فهم يكونون في ترفٍ ونعيم، ويأكلون فواكه مما يشتهون، ويقال لهم: كلوا واشربوا هنيئًا بما قدمتم في الأيام الخالية، وهذا جزاء كل محسن لعمله. ثم خاطب المكذّبين مهدِّدًا لهم، فقال: {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا}، ولا نصيب لكم في الآخرة لأنكم كافرون. ثم ذكر أن الكفار إذا أمروا بطاعة الله والخشوع له أبوا، وأصروا على ما هم عليه من الاستكبار، فويل لهم مما يعملون، وإذا لم يؤمنوا بالقرآن والنبيّ الذي جاء به مع تظاهر الأدلة على صدقه، فبأي كلام بعده يصدّقون.
أسباب النزول
قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (48)} سبب نزولها (?): ما أخرجه ابن المنذر عن مجاهد قال: هذه الآية نزلت في ثقيف.
التفسير وأوجه القراءة
1 - قوله تعالى: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (1) فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (2) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (3) فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (4) فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (5)}.
اعلم (?): أن المفسرين ذكروا في هذه الكلمات الخمس وجوهًا:
الأول: أن المراد بأسرها الرياح، ومعنى {الْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} الرياح التي أرسلت إرسالًا عرفًا؛ أي: إرسالًا متتابعًا كعرف الفرس. وقيل: معنى {عُرْفًا}؛ أي: كثيرًا؛ أي: إرسالًا كثيرًا.
2 - {فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (2)}؛ أي: الرياح الشديدة الهبوب؛ أي: فبالرياح التي تعصف عصفًا؛ أي: تهبّ هبوبًا شديدًا.
3 - {وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (3)}؛ أي: فبالرياح التي تنشر نشرًا؛ أي: الرياح اللينة التي تهبّ هبوبًا ليّنًا. وقيل: الرياح التي أرسلها نشرًا بين يدي رحمته. وقيل: الرياح التي تنشر السحاب، وتأتي بالمطر.
4 - {فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (4)}؛ أي: فبالرياح التي تفرّق السحاب وتبدده عند انقطاع المطر.
5 - {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (5)}؛ أي: فبالرياح التي تلقي في قلوب العباد ذكرًا وخوفًا من الله تعالى. يعني: أن الرياح إذا أرسلت عاصفة شديدة .. قلعت