الطاء فسكنت الواو، ثم دخل الجازم، وهو {لا} الناهية فسكنت آخر الفعل فالتقى ساكنان فحذفت الواو، فصار {تطع}. {وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ}؛ أي: قوينا أسرهم. والأسر كما في "القاموس": الشدّة والغضب وشدّة الخلق والخلق، وشددنا أسرهم؛ أي: مفاصلهم. وفي "المختار" (1): وأسره من باب ضرب؛ أي: شده بالإسار بوزن الإزار، وهو النقد بالكسر، وهو سير يقد من جلد غير مدبوغ، ومنه سمي الأسير؛ لأنهم كانوا يشدونه بالقد، فسمي كل مأخوذ أسيرًا وإن لم يشد به، وأسره الله: خلقه، وبابه: ضرب، ومنه: وشددنا أسرهم؛ أي: خلقهم. والأسر بالضم: احتباس البول كالحصر في الغائط، وأسرة الرجل: أهله لأنه يتقوى بهم.
البلاغة
وقد تضمّنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الإظهار في مقام الإضمار في قوله: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ} لزيادة التقرير.
ومنها: وصف المفرد بالجمع في قوله: {مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} فإنه وصف النطفة مع كونه مفردًا بالجمع، وهو أمشاج؛ لأن المراد بها مجموع الماءين: ماء الرجل وماء المرأة.
ومنها: الطباق بين {شَاكِرًا} و {كَفُورًا} وبين {بُكْرَةً وَأَصِيلًا}، وبين {شَمْسًا} و {زَمْهَرِيرًا}.
ومنها: التعبير بصيغة اسم الفاعل في قوله: {إِمَّا شَاكِرًا}، وبصيغة المبالغة في قوله: {وَإِمَّا كَفُورًا} حيث لم يقل: إما شاكرًا وإما كافرًا أو لم يقل: إما شكورًا وإما كفورًا. للدلالة على قلة من يتصف بالشكر وكثرة من يتصف بالكفر، ولرعاية الفاصلة أيضًا.
ومنها: التعبير بصيغة المبالغة في قوله: {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} إشارة إلى كمال إحسانه إليه وتمام إنعامه عليه.
ومنها: اللفُّ والنشر المشوش في قوله: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ} إلخ،