أبي جعفر {تذكرون} بالتاء وإدغام التاء في الذال. وروي عن أبي حيوة {يذكرون} بياء الغيبة وشدّ الذال.

{إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} استثناء مفرغ من أعم العلل أو من اعم الأحوال؛ أي: وما يذكرون لعلة من العلل، أو في حال من الأحوال إلا بأن يشاء الله أو حال أن يشاء الله ذكرهم. وهذا تصريح بأنّ أفعال العبد بمشيئة الله لا برادة نفسه.

والمعنى (?): أي وما يذكرون هذا القرآن، ولا يتعظون بعظاته، ويعملون بما فيه، إلا أن يشاء الله أن يذكروه، فلا يستطيع أحد أن يفعل شيئًا إلا أن يعطيه الله القدرة على فعله؛ إذ لا يقع في ملكه سبحانه إلا ما يشاء، كما قال سبحانه: وما تشاؤون إلا أن يشاء الله.

ثم ذكر ما هو كالعلة لما سلف، فقال: {هُوَ} سبحانه وتعالى {أَهْلُ التَّقْوَى}؛ أي: هو الحقيق بأن يتقيه المتقون بترك معاصيه، والعمل بطاعاته؛ أي: حقيق بأن يتّقى عقابه ويؤمن به ويطاع. فالتقوى مصدر من المبنيّ للمفعول. {وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ}؛ أي: وهو الحقيق بأن يغفر للمؤمنين ما فرط منهم من الذنوب، والحقيق بأن يقبل توبة التائبين من العصاة، فيغفر ذنوبهم. وقيل: هو أهل أن تُتَّقى محارمه، وأهل أن يغفر لمن اتقاه.

وعن أنس رضي الله عنه: "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه الآية، فقال: "قال ربكم: أنا أهل أن أُتقى فلا يجعل معي إله، فمن اتقاني فلم يجعل معي إلهًا، فأنا أهل أن أغفر له". أخرجه أحمد، والدارميّ، والنسائي، وابن ماجه، والترمذي، وقال: حديث غريب، وفي إسناده سهيل بن عبد الله القطيعي، وليس بالقوي في الحديث، وقد تفرّد به عن ثابت، والله تعالى أعلم بمراده وأسرار كتابه.

الإعراب

{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7)}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015