{يَتَخَافَتُونَ}؛ أي: يتسارون فيما بينهم، وخفي وخفت وخفد ثلاثتها في معنى الكتم. {فَلَمَّا رَأَوْهَا} أصله: رأيوها، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح ثم حذفت لالتقاء الساكنين. {إِنَّا لَضَالُّونَ} الأصل: لضاللون، أدغمت اللام الأولى في الثانية. {قَالَ أَوْسَطُهُمْ}؛ أي: أعدلهم وخيرهم من قولهم: فلان من وسطة قومه، وأعطني من وسطات مالك، ومنه: قوله تعالى: {أُمَّةً وَسَطًا}. قال الراغب: الوسط تارةً يقال فيما له طرفان مذمومان كالجود الذي بين البخل والسرف، فيستعمل استعمال القصد المصون عن الإفراط والتفريط، فيمدح به، نحو: السواء والعدل، ونحو: {وكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}، وعلى ذلك {قَالَ أَوْسَطُهُمْ}. وتارةً يقال فيما له طرف محمود، وطرف مذموم كالخير والشر، ويكنى به عن الرذل، نحو قولهم: وسط بين الرجال تنبيهًا على أنه قد خرج من حد الخير. {إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ} أصله طاغيين بياءين، الأولى لام الكلمة، والثانية ياء الجمع، حذفت حركة الياء الأولى للتخفيف فالتقى ساكنان فحذفت الياء الأولى، فوزنه: فاعين.
{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} قال الراغب: {عِنْدَ} لفظ موضوع للقرب، فتارةً يستعمل في المكان، وتارةً يستعمل في الاعتقاد نحو: عندي كذا، وتارةً في الزلفى والقرب والمنزلة كقوله تعالى: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ}، وعلى ذلك قيل: الملائكة المقربون انتهى. {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38)} أصله: تتخيرون فحذفت منه إحدى التاءين. تخيّر الشيء واختياره: أخذ خيره. قال الراغب: الاختيار: طلب ما هو خير فعله، وقد يقال ما يراه الإنسان: خيرًا وإن لم يكن خيرًا. {كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ} قال في "المفردات": درس الشيء معناه: بقي أثره، ودرست العلم: تناولت أثره بالحفظ. ولما كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبر عن إدامة القراءة بالدرس. {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ} يقال: لفلان عليَّ يمين بكذا إذا ضمنت وكفلت له به وحلفت له على الوفاء. {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40)} أمر من سأل يسأل بحذف العين وهمزة الوصل، قياس هذا الأمران يقال: اسألهم بهمزة الوصل وإثبات عين الكلمة الهمزة، لكن الهمزة في بعض الأحيان نقلت حركتها إلى السين، ثم حذفت تخفيفًا فاستغني عن همزة الوصل لتحرك الفاء، فقيل: سلهم بوزن فلهم. وفي بعض الأحيان يأتي الفعل على الأصل فيقال: اسأل، قال تعالى: {اسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ}، لكن همزة الوصل حذفت من الخط في رسم المصحف مراعًاة لقراءة من