وقرأ الجمهور: {لَيُزْلِقُونَكَ} بضم الياء من أزلقه إذا أزل رجله. وقرأ نافع وأهل المدينة بفتحها من: زلق عن موضعه إذا تنحى. وقرأ ابن مسعود وابن عباس، والأعمش، وعيسى، ومجاهد، وأبو وائل {ليزهقونك}. أي: يهلكونك بأبصارهم، ذكره في البحر.
وذلك (?) أن الكفار أرادوا أن يصيبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعين، فنظرت قريش إليه وقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حججه. والمعنى: وإن يكاد الذين كفروا ليصيبونك بعيونهم عند سماع القرآن منك كما يصيب العائن بعينه ما يعجبه لشدّة حسدهم وبغضهم إياك. وروي: أنّه كان في بني أسد عيّانون، فأراد بعضهم أن يعين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعصمه الله، وأنزل عليه هذه الآية. قيل: كانت العين في بني أسد حتى إن كانت الناقة، أو البقرة لتمر بأحدهم فيعاينها ثم يقول لجاريته: خذي المكتل والدراهم فائتنا بلحم من لحم هذه، فما تبرح حتى تقع بالموت فتنحر. وقيل: كان رجل من العرب يمكث لا يأكل يومين أو ثلاثة، ثم يرفع جانب خبائه فتمر به الإبل، فيقول: لم أر كاليوم إبلًا ولا غنمًا أحسن من هذه، فما تذهب إلا قليلًا حتى يسقط ما عناه، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعين ويفعل به مثل ذلك، فعصم الله نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأنزل {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ}. قال ابن عباس رضي الله عنهما: معناه: ينفذونك ويطعنونك بأبصارهم لشدّة بغضهم إيّاك. وقيل: يصرعونك بأبصارهم على الأرض كالمغمى عليه. وقيل: يصرفونك عما أنت عليه من تبليغ الرسالة.
وإنما أراد سبحانه أنهم ينظرون إليك إذا قرأت نظرًا شديدًا بالعداوة والبغض يكاد يسقطك على الأرض، ومنه: قولهم: نظر إليَّ نظرًا: يكاد يصرعني أو يكاد يهلكني، يدل على صحة هذا المعنى أنه قرن هذا النظر بسماع القرآن، وهو قوله: {لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ} لأنهم كانوا يكرهون ذلك أشد الكراهة، ويحدون النظر إليه بالبغضاء. {وَيَقُولُونَ}؛ أي: يقول بعضهم لبعض: إذا سمعوه يقرأ القرآن: {إِنَّهُ}؛ أي: إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - {لَمَجْنُونٌ} حيرةً في أمره وتنفيرًا للناس منه.
أي: {وَيَقُولُونَ} (?) لغاية حيرتهم في أمره - صلى الله عليه وسلم - ونهاية جهلهم بما في القرآن من