مغلولة ولا يد ثمة ولا غل، وإنما هو مثل في البخل بأن شبهت حال البخيل في عدم تيسر الإنفاق له بحال من غلت يده، وكذا شبهت هنا حال من اشتد عليه الأمر في الموقف بالمخدرات اللاتي اشتد عليهن الأمر، فاحتجن إلى تشمير سوقهن في الهرب بسبب وقوع أمر هائل بالغ إلى نهاية الشدة مع أنهن لا يخرجن من بيوتهن، ولا يبدين زينتهن لغير محارمهن لغاية خوفهن، وزوال عقلهن من دهشتهن، وفرارهن لخلاص أنفسهن، فاستعمل في حق أهل الموقف من الأشقياء ما يستعمل في حقهن من غير تصرف في مفردات التركيب، بل التصرف إنما هو في الهيئة التركيبية. فكشف الساق استعارةٌ تمثيلية في اشتداد الأمر وصعوبته.
ومعنى الآية على هذا القول: فليأتوا بهؤلاء الشركاء ليعاونوهم إذا اشتد الهول وعظم الخطب يوم القيامة، ويدعون إلى السجود توبيخًا لهم على تركهم إيّاه في الدنيا فلا يستطيعون، فتزداد حسرتهم وندامتهم على ما فرطوا فيه حين دعوا إليه في الدنيا، وهم سالمون أصحاء فلم يفعلوا.
وقيل: الساق التي كشفت لهم عبارة عن أمر عظيم من أهوال يوم القيامة تقول العرب: كشفت الحرب عن ساقها إذا عظم أمرها، وتقول لمن وقع في أمر عظيم شديد يحتاج فيه إلى جهد ومقاساة؛ شمر عن ساقك، وكذلك التفت الساق بالساق؛ أي: دخلت الأهوال والأمور العظام بعضها إلى بعض يوم القيامة.
والمعنى عليه: يوم يكشف عن أمر عظيم من أهوال يوم القيامة. وتنكيره على هذا الوجه للتهويل؛ لأنَّ يوم القيامة يوم يقع فيه أمر فظيع هائل منكر خارج عن المألوف.
وقيل: ساق الشيء أصله الذي به قوامه كساق الشجر وساق الإنسان، فإنَّ ساق الشجر مثلًا أصله والأغصان تنبت على ذلك الأصل وتقوم به.
والمعنى عليه: يوم يكشف عن ساق الأمور وأصولها وحقائقها بحيث تظهر وتصير عيانا. وعلى هذا فالتنوين للتعظيم. وقيل: يكشف عن ساق جهنم، وقيل: عن ساق العرش، وقيل: هو عبارة عن القرب، وقيل: يكشف الرب عن نوره. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنه: أنه سئل عن قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} فقال: إذا خفي عليكم شيء